وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق
يعد وادي الملوك «مكان الحق» – كما أسماه الفراعنة – واحدًا من أكثر الأماكن سحرًا في العالم، حيث يقع بالبر الغربي من النيل حيث مدينة الأقصر الحالية. وكلمة وادي هي كلمة رمزية، حيث إنه في حقيقة الأمر مجموعة من الوديان الجافة التي تقطع المنحدرات التي تمر بالصحراء السفلى المحيطة بالنهر.
وكان أول من دفن بوادي الملوك هو تحتمس الأول، والذي يقع معبده الجنزي بالصحراء السفلى بالقرب من سهل الفيضان، وكانت المقبرة منفصلة عن المعبد وبعيدة عن الأنظار، إلا أنها لم تسلم من محاولات هجمات لصوص المقابر. وكان الشغل الشاغل للمهندس الملكي هو حماية مقبرة الفرعون. نقش المهندس الملكي إنيني تلك الكلمات على جدران مقبرته قائلاً «لقد بنيت مقبرة جلالته.. بحيث لا أحد رأى ولا أحد سمع..» وبطرق مختلفة، استمر إنيني على تصميمات القدماء، حيث كانت تصميماته تحاكي المجموعات الملكية الجنزية الخاصة بالأسرة الأولى بأبيدوس، حيث المقابر الموجودة بمنطقة واحدة (بعيدة بداخل الصحراء) في حين وجود المعابد الجنزية في منطقة أخرى (بالقرب من مصب سيل الفيضان). كما قام إنيني بعمل إشارة للهرم المقدس بمقبرة الفرعون، ذلك الهرم الذي كان يدفن بداخله ملوك الدولتين القديمة والوسطى. ويقع وادي الملوك هو الآخر أسفل هرم، ولكن ليس من صنع الإنسان، حيث إنه قد تكون من خلال التل ذي الشكل الهرمي، والمعروف في المنطقة باسم القرن. وقد تعلم إنيني من أهرام الدولتين القديمة والوسطى، والتي سرقت خلال تلك الفترة. ومن خلال تأمين المقابر الملكية بجبال طيبة الصخرية أكثر من تحديد مكانها بتل صناعي ضخم، كان يأمل في حماية محتوياتها للأبد.
وعلى امتداد قرون كثيرة، كان ما يقرب من 62 مقبرة مخبأة بوادي الملوك؛ معظمها تخص فراعنة، وبعضها الآخر يخص رجال البلاط وبعض أعضاء البيت المالك. أما الملكات فقد دفّن بوادٍ قريب يعرف حاليًا باسم وادي الملكات. وقد استمر استخدام الوادي للدفن حتى الأسرة 21؛ حينما بدأت عملية الدفن بأفنية المعابد.
ومع مرور الوقت، أصبح الوادي مهجورًا كما أن معظم المقابر قد تعرضت محتوياتها للسرقة. وكان لصوص المقابر قد خرقوا سلامة كثير من المقابر. وكانت عمليات سرقة المقابر هي احتراف قديم، حيث سرقت أهرام الدولة القديمة العظمى خلال الدولة الوسطى، كما سرقت أهرام الدولة الوسطى مع بدايات الدولة الحديثة، وكانت عملية سرقة الكنوز المصرية ترجع لأكثر من 5 آلاف عام.
وكانت عملية انتهاك حرمة المقابر بوادي الملوك قد بدأت سريعًا، فعلى سبيل المثال قام اللصوص باقتحام مقبرة توت عنخ آمون مرتين، وذلك بعد أن أغلقت لأول مرة. ولحسن الحظ استطاعت قوات أمن الجبانة من حماية المقبرة في المرتين، وإن كان الكثير من المحتويات قد نقلت من مكانها. وفي حقيقة الأمر، لقد تم استنتاج أن نحو 60 في المائة من كنوز إحدى الحجرات قد سرقت في العصور القديمة. وكان آي مسؤولا عن إعادة إغلاق المقبرة، حيث قام بعض موظفيه بإلقاء بعض بقايا محتويات المقبرة بغرض الحفاظ على النظام، وقاموا بإعادة إغلاق المقبرة عن طريق إغلاق الفتحة التي أحدثها اللصوص بالجبس ووضعوا عليها ختم الإغلاق.
وقد زادت عمليات سرقة المقابر خلال فترة الرعامسة؛ فقد ركز اللصوص مهاراتهم على مقابر الأشراف وكبار رجال الدولة، ثم وسعوا نشاطهم إلى مقابر الملوك. وكان لصوص تلك الفترة قد دعموا من أهالي البر الغربي بطيبة، ومنهم مسؤولون عن حماية الوادي والذين تلقوا رشوة.
المصدر: الشرق الأوسط