يدون ويغرد في مجالات الآداب والسياسة والاجتماع. صدر له رواية بعنوان ( سور جدة ) وكتاب ساخر ( كنتُ مثقفاً ).
كنت في جماعة الإذاعة، الميزة الوحيدة أنني لا أحضر الطابور، فقط أتسلل نحو غرفة الجماعة وأخرج أمام الطلاب مرة كلمة صباح. مرة لتقديم حديث نبوي، ومرة أكون مقدماً للإذاعة، ومرات أصبح شاعراً. أتذكر قصيدة للأمير خالد الفيصل يقول مطلعها: “حنا العرب يا مدعين العروبة/ وحنا هل التوحيد وأنتم له أجناب.. وحنا شروق المجد وأنتم غروبه/ وحنا هل التاريخ وأنتم به أغراب”، كنت بجوار الأستاذ حمادي مدير المدرسة ومن رهبته وخجلي كررت البيت الأول ثلاث مرات والبيت الثاني خمس مرات وتوقفت وأخرجت ورقة القصيدة وأكملتها قراءة بدلاً من إلقائها حفظاً.
قبل الأستاذ حمادي كان لدينا مدير اسمه معلا الحربي، كنت أحد الرواد الذين شهدوا يوم تقاعده التاريخي، كنت في جماعة الأناشيد هذه المرة، قام أستاذ فاضل اسمه عبداللطيف السيد وهو مصري الجنسية بتأليف قصيدة وكنت أقف مع الكورال وأردد بصوت حماسي: يا معلا يا من أعليت المباني…إلخ، بالرغم أن “معلا” هذا لم يضع طوبة واحدة جديدة للمدرسة منذ تأسيسها عام 1982، رحل معلا ودخلنا عصر الأستاذ حمادي المصباحي مدرس الجغرافيا وصاحب القبضة الحديدية والملامح الجادة في نفس العام الذي انتقلت فيه للصف الخامس الابتدائي، نعم أنا وقفت مطلع ذلك العام أردد قصيدة إطراء جديدة للأستاذ حمادي تقول: يا حمادي في عهدك تحققت كل الأماني.. كنت صغيراً وهذه الأفكار تتسرب بحرية نحو عقلي، والآن حين أتطلع نحوي أنا بعد هذه السنوات أضحك، في يوم من الأيام كنت أنا أنا، أنا الآخر.
أكتب هذا المقال بعد لقاء حميم مع صديق طفولة، في مقهى، هو الآن طبيب جميل، ويا أنا.. من أنا؟
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٤٦) صفحة (١٨) بتاريخ (١٤-١١-٢٠١٢)