كاتبة إماراتية
تتعرض الزوجة لحادث مُروّع يؤدي إلى إصابتها بشلل تام فيسبب حزناً وألماً في قلب زوج وفيِّ يؤمن بأن شراكة العمر هي مشوار طويل بحلوه ومرّه لا ينتهي حتى بانقضائه.
خبر الإعاقة مؤلم سواء كان المعاق ذكراً أو أنثى ولكن ماذا عن القبول الاجتماعي والمشاكل النفسية التي تواجهها المرأة المعاقة في المجتمع العربي؟
قصص بعض النساء في مجتمعاتنا العربية تتجدد ولكنها لا تنتهي وعلى الرغم من أن المرأة لها شأن كبير في مجتمعاتنا لأنها تستند إلى أرضية صلبة توفر لها جميع حقوقها وإنسانيتها إلا أن الوضع قد يختلف إذا كانت المرأة من ذوات الإعاقة وهذا الاختلاف يمتد معها منذ الطفولة وحتى مرحلة الكهولة.
المرأة المعاقة قد تتعرض لمشاكل كثيرة تبدأ من مرحلة الطفولة لخجل بعض الأسر لوجود هذه الطفلة المعاقة بسبب المعتقدات الخاطئة التي بلا شك قد تنعكس على حالتها النفسية وفرصها في تلقي العلاج الملائم فتحرم من خدمات التدخل المبكر وتزداد القيود التي تكبل حريتها وحقوقها.
الاعتقاد الخاطئ لدى بعض الأسر أن مستقبل هذه الفتاة المعاقة يجب أن يحسم سلفاً بقضاء حياتها بين جدران المنزل لا لشيء إلا لأنها أنثى معاقة. هذه الفتاة قدّر لها الخالق أن تكون مختلفة بإعاقتها فلم نأتي نحن والزمان ضدها بإشغالها بالمعوقات ودفن أحلامها وسعادتها تحت الرماد.
في رحلة حياة المرأة المعاقة تتم مواجهة العديد من التحديات من أفراد الأسرة والمجتمع بسبب ممارسة ثقافة الجاهلية التي يعاني منها بعض النساء كالتمييز والحرمان، حتى بعد أن قضى عليها الإسلام إلى غير رجعة. هذه الفئة لديها مواهب وقدرات كامنة تحتاج إلى صقلها وإخراجها إلى السطح حتى يتم مساعدتها باكتشاف ذاتها وإثبات قدراتها أمام الآخرين.
ولكن هواجس بعض الأسر المبالغ فيها وخوفهم من تعرض ابنتهم للاستغلال أو الإحباطات من الآخرين بسبب إعاقتها قد تسبب التقوقع على الذات والهروب من المجتمع وبذلك تكون الإعاقة قد انتصرت عليها فتصبح سلبية لا حيلة لها وغير قادرة على التعرف أو اكتشاف قدراتها. يتطلب الصبر على المرأة المعاقة وإعطاؤها فرصة حتى تتبلور إبداعاتها فتكون قادرة على أن تنافس غيرها وتعيش حياتها بشكل طبيعي.
شاءت حكمة الله أن يأتي الأبناء متفاوتين من حيث الصحة والسلامة العقلية ونظراً لارتباط الوالدين بالأبناء بشكل كبير تجدهم يتألمون أن لديهم طفلة معاقة..
حيث تتحطم الآمال والتوقعات بهذه الفتاة. بعض الأسر ومن خوفهم على سلامة وصحة ابنتهم تجد الوالدين يحاولان جاهدين أن يبعداها عن كل مكروه أو العكس تماماً. فكثير من ذوات الإعاقة لا يجدن الرعاية المناسبة من الوالدين مما يزيد من مواجهتهن لبعض المخاطر سواء داخل أو خارج المنزل كالتعرض للاعتداء والعنف والمعاملة غير اللائقة.
الوالدان لهم دور كبير في الحفاظ وتنمية قدرات المعاقة ودمجها في المجتمع، فبمساندتها ودعمها بشكل متواصل ابتداء من مرحلة الطفولة يضمن تعديل وتنمية سلوك المرأة المعاقة تدريجياً حتى تصل إلى مرحلة الثقة بقدراتها المحدودة وتقبل الاختلاف.
رابطة تمكين المرأة المعاقة في المجتمع الإماراتي التي تم تنظيمها تحت عنوان «لي الحق في الحياة كما الأخريات» تعد من المبادرات الناجحة، حيث تمثل واقع النساء ذوات الإعاقة على المستوى العالمي.
معرفتي بهذه المبادرة كانت من خلال الأخت كليثم المطروشي عضو لجنة الأشخاص ذوي الإعاقة في جمعية الإمارات لحقوق الإنسان والتي تعد امرأة ناجحة لم تستسلم للحادث الذي أقعدها على كرسي متحرك بل زاد اندماجها في المجتمع ليكون لها منزلة خاصة في قلوب الأشخاص من ذوي الإعاقة.
أسست كليثم رابطة تمكين النساء ذوات الإعاقة لتفعيل حقوق المرأة المعاقة، حيث إنه على المستوى العالمي هناك إجحاف كبير في حقها في مجال التعليم والصحة والعمل. فرؤية الرابطة تتمثل في تمكين النساء ذوات الإعاقة وضمان حصولهن على حقوقهن للمساهمة بدور فاعل في المجتمع.
النساء ذوات الإعاقة لهن الحق في تقرير مصيرهن في مجتمع يؤمن بالاختلاف ويحترم الإمكانات والقدرات، فهي بالفعل لها الحق في الحياة كما الأخريات.
ما أجمل أن تكون طوق النجاة لقلوب أنهكها التعب، ما أروع أن تساهم في تغيير حال أفراد مجتمعك للأفضل ببناء سد يحميهم من الغرق في منغصات الحياة. المرأة من ذوات الإعاقة يحق لها العيش بسلام والانخراط في المجتمع، اكنزها جوهرة مصونة في باطن القلب ولا تسمح لأي كائن بأن يعبث بها.
يقول أحدهم باستغراب للزوج الذي أصيبت زوجته بالشلل: ألا تملّ فهي لم تعد قادرة حتى أن تذكرك بسبب إعاقتها! فيلتفت مبتسماً: هي قد لا تتذكرني بسبب العطب الذي أصاب الذاكرة، ولكني أعرفها وهذا يكفي.
المصدر؛ صحيفة البيان