مع قرب اختتام عام دراسي حافل واستثنائي بسبب جائحة كورونا وتحدياتها، وما ترتب عليها من دراسة وتعليم وامتحانات عن بُعد، نرفع كل التقدير والامتنان للأمهات وأولياء الأمور والمعلمين وكل العاملين في المجال التربوي والتعليمي؛ لجهودهم الاستثنائية التي بذلت وتبذل لتعليم أبنائنا وبناتنا.
نخص بالشكر والامتنان الأمهات سواء الموظفات منهن أو ربات البيوت على وجه التحديد؛ لأنهن بذلن جهدا استثنائيا في دعم فلذات الأكباد والوقوف بجانبهم في هذا الظرف الدقيق، وبدلا من التعبير عن العرفان والتقدير لهن فوجئن بحملة شرسة للنيل منهن، وتصوير دورهن العظيم بأنه كان مجرد مساعدة أبنائهن وبناتهن على «الغش»، وزاد الأمر سوءًا دخول نوعية من المحامين ممن قرؤوا القانون من فصوله الأخيرة على الخط، وإسقاط مادة قانونية على حالة من حالات الغش في الامتحان بأن عقوبتها السجن لمدة عشر سنوات، حالها في ذلك حال انتحال شخصية الآخر!
قبل أن يستعرض أمثالهم عضلاتهم «القانونية» أو أولئك الذين تداولوا المقاطع الساخرة من الأمهات وأولياء الأمور في تجربة التعليم والاختبارات عن بُعد، هل سألوا انفسهم عن حالات الغش «عن بُعد» التي تم ضبطها وجرى توثيقها، وعن نسبتها في المجتمع.
الذين خاضوا في الأمر، وصوروه بتلك السخرية والتهكم، أرادوا النيل من قيمة وصورة الأم العظيمة في مجتمعنا وتضحياتها من أجل تعليم أبنائها وتنشئتهم النشأة الصحيحة، بينما أمثالهم يتنصلون من مسؤوليتهم والتزاماتهم في تربية الأبناء وبناء الأسرة السليمة القوية المتلاحمة. الأم عندنا والأسرة ليستا على تلك الصورة البائسة التي تروج لها المسلسلات الفاشلة، هنا بناء للإنسان الذي تراهن عليه الدولة في بناء الوطن. وإذا كانت هناك حالات شاذة، لا تخلو منها كل المجتمعات في العالم، فلا يعني التعميم المخل والمشوه بمستوى خلل وتشويه عقول ذلك البعض الذين نسفوا جهدا عظيما كبيرا للأمهات وأولياء الأمور على مدار العام، وتصويره كما لو أنه فقط خلال أيام الامتحانات.
كنت أتوقع من وزارة التربية والتعليم وغيرها من الجهات المعنية بالميدان التربوي والتعليمي إصدار بيان لتوضيح الحقائق، وإنصاف الأمهات وأولياء الأمور الذين كانوا خير شركاء لهم في إنجاح العام الدراسي رغم كل الصعوبات والتحديات. لقد اختلط على المهووسين بالإثارة الفرق بين تهيئة البيئة المناسبة للدراسة للأبناء وبين «الغش» الذي هو فشل أخلاقي في المقام الأول، فبئس ما قاموا به من خلط وتشويه!
المصدر: الاتحاد