كاتب سعودي
كان أبرز عنوان يستوقف العين وأنا أتصفح التقرير السنوي 2012 لمركز بناء الأسر المنتجة (جنى) هو:«لماذا النساء»؟، ومن قبل أعجبتني التسمية، وما فيها من اختصار لمبدأ مهم وهو «بناء» الأسر المنتجة، وهو ما ثبت أن المركز ينفذه بنجاح ومرحلية يستحقان الإشادة. أما الإجابة على سؤال: «لماذا النساء»؟ فجاءت – بحسب التقرير -: «تمكين المرأة وتدعيم دورها داخل الأسرة والمجتمع، وتوفير فرص علم لها بسبب قلة الفرص المتاحة في السوق، وتعد المرأة في كثير من الحالات العائل الوحيد للأسرة، وندرة الجهات التي تقدم مثل هذه الخدمات لهذه الشريحة المهمة في المجتمع، قدرة المرأة على إجادة الكثير من الأعمال اليدوية والحرفية وتسويقها». أما أنا فأضيف للإجابة أعلاه أن المرأة أكثر وفاء من الرجل، بالمعنيين العاطفي والعملي، فنسبة سداد القروض التي يمنحها المركز للنساء بلغت العام الماضي 99 في المئة! هل تتخيلون هذا الرقم في عالم الإقراض والسداد؟ وهي نسبة من دون كفيل أو كفيل غارم أو أي من الضمانات، فطبيعة القروض متناهية الصغر منذ نشأتها كمبدأ اقتصادي اجتماعي في العالم هي «عدم وجود الضمانات».
وأزيد بأن المرأة أكثر جلداً، فنسبة نجاح المشاريع بلغت 92 في المئة، ومرة أخرى تخيلوا الحرص والجدية اللذين ربما انبثقا عن الحاجة، لكنهما حلقا بالطموح، والرغبة في إثبات الذات، والأهم الرغبة الأعمق في الاستعفاف عن المساعدة والاستقلال بالنفس، وما يفعله ذلك فيهن وفي أبناءهن، وما يضيعه من فرص اضطهادهن واستغلالهن.
مبهج أن من بين النساء المعدمات أو صاحبات الظروف الخاصة من يستجبن إلى مثل هذا البرنامج المميز، ومن يحققن رقماً صعباً بمساعدة المركز لتصل فرص العمل التي أتيحت إلى نحو 13 ألف فرصة عمل، ويحققن مبدأ المركز الذي وضعه على غلاف تقريره «قرض حسن = فرصة عمل».
يقدم هذا المركز النبيل القرض على ست مراحل، ولمجموعة من النساء يمكنهن الاستفادة جماعياً ثم الاستقلال، كما يمكنهم الاقتراض مع كل تقدم يحرزنه في العمل والإنتاج، وتبدأ المرحلة الأولى بمبلغ 3 آلاف ريال لكل واحدة من خمس سيدات، وتنتهي المراحل بمرحلة المشاريع الفردية الصغيرة التي تمكن كل واحدة منهن من الحصول على قرض يصل إلى 100 ألف ريال.
نساء ربما خذلهن التعليم أو الرجال، أو حتى كان قدرهن الفقر لأي سبب، لم يقفن مكتوفات الأيدي، بل كافحن ووجدن من يساعدهن، فوجب عليّ رفع مستوى الوعي بهن وبهذا المركز، لأنهن يذكرننا بأهمية أن نساعد الناس في مساعدة أنفسهم، وليس فقط نغيثهم موقتاً.
إن تحويل فئات متلقية للدعم إلى فئات منتجة وفاعلة في المجتمع هو في رأيي نوع من التنمية المستدامة، فليست القضية فقط توفير المعيشة، لكنها أيضاً إيجاد ثقافة مختلفة وإيجابية سيتصل الحديث عنها.
المصدر: صحيفة الحياة