كاتب إماراتي
كلنا نعرف حادثة حمد بن خليفة آل ثاني مع الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله، عام 1990، لكن هناك حادثة أخرى وقعت أثناء انعقاد القمة الخليجية في عُمان، في ديسمبر عام 1995، حيث انسحب الشيخ حمد إلى جناحه في الفندق بعد خلافات مع بعض القادة، فصعد إليه الشيخ زايد – رحمه الله – مساء، محاولاً تهدئة الأمور، وإقناعه بالعودة إلى القمة، فما كان من الشيخ حمد إلا أن رفض طلب الشيخ زايد ولم يرجع إلى الاجتماع، رغم فارق السن بينهما، ورغم صعود الشيخ زايد إلى جناحه شخصياً. بعد تلك الواقعة بأقل من عام انطلقت قناة الجزيرة، التي لم يكن همّها حينها إلا التشنيع على القيادة السعودية، واحتضان المنشقين والإرهابيين، وعلى مر السنوات أثبتت الجزيرة أنها شركة العلاقات العامة لتنظيم القاعدة، ولابد أنكم تذكرون اللقاء الشهير لمراسلها تيسير علّوني الذي كان يخاطب فيه أسامة بن لادن بلقب «شيخ»، ومن بعدها صارت تصريحات زعماء القاعدة تُبث حصرياً على الجزيرة. واستمر حمد بن خليفة في مناكفة القيادة السعودية على مر عقدين من الزمن، ومن يعرفه حقاً لم يستغرب التسريبات الأخيرة لمكالماته مع القذافي، وتصريحه بأنه يريد التخلص من آل سعود، يعضده في ذلك حمد بن جاسم كما هو معروف. ولقد استطاع هذا الثنائي خلق فوضى في مصر، وليبيا، وسورية، واليمن، ومحاولة زعزعة البحرين، لكن يبقى السؤال الذي لم يجد له أحد إجابة حتى الآن: لماذا؟ لماذا أصرت الحكومة القطرية على دعم جبهة النصرة في بداية اندلاع الأزمة في سورية، رغم أن السعودية والإمارات والولايات المتحدة كانوا قد اتفقوا على دعم الجيش الحر فقط؟ وبعد أن كانت الجبهة عبارة عن بعض المرتزقة، صارت بفضل الأموال القطرية طرفاً أساساً في اندلاع حرب أهلية في سورية! ولماذا سخرت الحكومة القطرية إمكاناتها لدعم الليبي علي الصلابي، المعروف بقربه من «الجماعة الليبية المقاتلة» التي ينتمي إليها انتحاريّ تفجيرات مانشستر الأخيرة؟ ولم تكتفِ بذلك، بل احتضنته مع المفتى الليبي السابق الصادق الغرياني، الذي يعتبر رأس حربة التكفير في ليبيا، وإحدى ركائز فتنة التناحر بين الشباب هناك؟ هل حمد بن خليفة وحمد بن جاسم إخوانيان؟ إذا كان الجواب نفياً، فلماذا صارت الدوحة كعبة الإخوان، والراعية الأولى لمصالحهم، والممول الأول لكل أعمالهم وعملياتهم، بدءاً من القرضاوي الذي استغل حمية الشباب وسذاجتهم ودفعهم لمواجهة الجيش في شوارع مصر، فقتل من قتل من الطرفين، وأزهقت أرواح بريئة، إلى صحافيي الجزيرة وهافنغتون بوست العربية؟ ولماذا تُطبِّع الحكومة القطرية مع إسرائيل وتستقبل شمعون بيزير عام 1996 على أرض الدوحة؟
ولماذا قامت الحكومة القطرية بتمويل جماعة الإصلاح وتنظيم القاعدة في اليمن وبعض المرتزقة لتدبير اغتيالات ضد ضباط سعوديين وإماراتيين، ما دفع بالتحالف لطرد الضباط القطريين من غرفة العمليات المشتركة، حيث كانوا يرسلون إحداثيات جنود التحالف إلى القاعدة؟! هنا يقف المنطق عاجزاً عن تفسير توجهات الحكومة القطرية التي تحتضن النقائض على أرض واحدة، الإخوان، وطالبان، وإسرائيل، وعزمي بشارة، وتمويل حركات المعارضة الخليجية. لكن رغم كل ذلك فإننا كشعوب خليجية لا نكره قطر، لأنها بلدنا، وأهلها أهلنا، ويسيئنا ما يسيئهم، لكن مضى على فوضى حمد بن خليفة أكثر من عشرين عاماً والحال يزداد سوءاً، ولقد آن الأوان لتتوقف هذه الفوضى التي تكاد تودي بالمنطقة وبالعرب إلى الهاوية، فكل المحاولات الهادئة عبر السنين لم تأتِ بنتيجة.
المصدر: الإمارات اليوم