مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
صدّق أو لا تصدّق: يمكن أن ينتهي الزواج بسبب فنجان قهوة بارد! ومع أنها نهاية لا تبدو مقبولة للناس؛ للمحيط أو للعائلة، إلا أنها تحدث بالفعل، لكنني على ثقة من أن هذه النهاية سبقها مواقف وتشنجات وصراخ، وتمرير أخطاء كثيرة أكثر سخفاً ومللاً ولا معقولية من فنجان القهوة البارد، سببها الخلافات اليومية، والتداخلات التي رعتها أم الزوج، ووالدة الزوجة والصديقات والأخوات، كل ذلك شكّل أحمالاً إضافية غير مرئية للآخرين، لكنها كسرت ظهر الزواج بسبب «قشة» تافهة في حجم فنجان قهوة!
إن التنافر في طرق التفكير بين الزوجين أمر قد لا يظهر بوضوح في بداية الزواج، وحتى لو تفاجأ أحدهما أو كلاهما بهذه الاختلافات التي لا يتقبّلها، فإن صوتاً في داخله يهمس له وقتها: لا عليك، سيتغير ـ أو ستتغير ـ مع الأيام، أو يقول: أنا كفيل بتغييره! وبالتأكيد فإن ذلك لا يحدث، لأن أحداً لا يمكنه تغيير أحد بهذه السهولة المتخيلة، وإذا حدث فإنه لا يحدث دائماً!
إن بعض الاختلافات الجذرية التي لا يمكن التكهن بها، كما يستحيل قبولها أو تغييرها، هي الرصاصة الأولى في نعش الزواج! ما لم يحظَ هذا الزواج بشركاء عقلاء جداً، أو بواحد منهما يأخذ الخسائر على حسابه الخاص لأجل إنجاح الزواج، وهذا الشخص لا شك سيعاني كثيراً!
إن عدم تفهّم الفارق بين خيالات الحب ومسؤوليات الواقع كفيل بإفشال الزواج، حيث تكشف الحياة الواقعية تحت سقف واحد مدى توافق الشريكين، وما يمتلكانه من نوايا جادة تجاه الزواج واستمراره، فالأناني غير مستعد لأي تنازلات مهما كانت بسيطة، وهنا تلعب حداثة السن والتجربة ونمط التربية ومناصرة الأهل وأنانيتهم دوراً في إفشال الزواج للأسف الشديد!
نحن اليوم كمجتمعات عربية ومحافظة إلى حد ما نفتقد تلك المرجعيات التقليدية والأصوات الحكيمة كالآباء والجدات، الذين لطالما امتلكوا القدرة على تعديل المسارات، وتجاوز أكبر المطبات، فحكمة السنين مكّنتهم دائماً من تقديم الإرشادات والنصائح لإخماد الخلافات الطارئة، والمحافظة على صمود مئات الحيوات والزيجات، رغم الآلام والتضحيات، فلقد انبثقت الحياة من الألم، لذلك فلا بد منه على ما يبدو لكي تستمر!
البيان