كاتب سوري في صحيفة الرؤية الإماراتية، ويعمل حاليا في مجال إعداد البرامج الحوارية الفضائية ، رئيس قسمي الثقافة والرأي في صحيفة "الوطن" السعودية اعتبارا من عام 2001 ولغاية 2010 ، عضو اتحاد الكتاب العرب (جمعية الشعر)، واتحاد الصحفيين العرب، بكالوريوس في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وبكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، لديه 3 مجموعات شعرية مطبوعة
بعد مرور أكثر من عامين على انطلاق شرارة الربيع العربي من تونس، لا يوحي المشهد في دول الربيع بأن الثورات حققت أهدافها، والمسألة يمكن اختصارها بإحدى حالتين، فإما سيطرة الإسلام السياسي أو أن الاضطراب يتسيّد المكان.
في الحالة الثانية، ليبيا لم تستقر على الرغم من انتخاباتها الحرة، وما زالت ثقافة السلاح تحتاج زمناً ليتخلص الناس منها.. وسورية في وضع يرثى له، نظام مرفوض شعبياً يتمسك بالسلطة ويحرق الأخضر واليابس، بل إنه لم يترك شيئاً من الأخضر، ومعارضة اضطرت للتسلح لحماية المواطنين من بطش الآلة العسكرية للنظام…
أما الحالة الأولى فمثالها مصر وتونس، فالثورة حصد الإخوان المسلمون نتائجها، واستلموا إدارة البلاد، وبدأت مراحل التكوين وتفصيل الدستور طبقاً لرؤيتهم ومصالحهم.. وربما كان “إخوان” تونس أكثر وعياً، فأعطوا الليبراليين حصة الرئاسة وإن كانت شكلية، فيما قرر “إخوان” مصر أن يأخذوا الحصص كلها فانكشفوا أمام الآخرين لكن بعد فوات الأوان، فالشعب قال كلمته وانتخب ليمنح بأصواته لـ”الإخوان” الأفضلية في تصدر المشهد المصري.
عامان على بدء الربيع العربي، والوضع يوحي بأنه لم يكن ربيعاً كما كان الحلم، وإنما هو مرحلة انتقالية لعلها تسبق الربيع المنشود، فمجريات الأحداث والظروف التي قادت الإسلام السياسي إلى السلطة في طريقها لأن تتغير، وبالتالي يصعب أن يبقى الطريق سهلاً لـ”الإخوان” كما كان في المرحلة الأولى التي تلت الثورات، فالأنظمة السابقة بقمعها للإخوان وسجنها لرموزهم جعلتهم مقبولين على المستوى الشعبي، لأن الشعوب حين ترى بعاطفتها تعتقد أن كل خصوم الأنظمة التسلطية قريبون منها، لكنها حين تجرب أولئك الخصوم في السلطة تكتشف الوجه الآخر التسلطي لهم، وهو في جذره نابع من فكرة تأسيس التنظيم وأسلوب تعامله مع المراحل لبلوغ هدفه النهائي وهو الحكم بأي طريقة وبعدها يوطد دعائم استمراريته.
إذاً، في المحصلة العامة، لم يكن الربيع العربي ربيعاً، ولم تنجز الثورات ما كان يفترض أن يحدث شأن الثورات الأخرى. والشعوب التي دفعت الثمن من أرواح أبنائها للخلاص من زمن الطغاة وقعت في زمن طغيان من نوع مختلف، فالطغيان صار متداخلاً مع أشخاص يتحدثون ويعملون باسم الدين، ما جعل الأمور تغدو شائكة أكثر، لأن من يتحدث باسم الدين قادر على تمرير كثير من أفكاره إلى بسطاء المواطنين ممن قد تدفعهم البذرة الدينية المغروسة داخلهم لقبول طروحات سياسية مبهمة بالنسبة إليهم، لا لسبب سوى أنها تحمل طابعاً دينياً.
ربما من الأفضل أن تنصلح الأوضاع بما يوافق طموحات الناس، وإلا فالربيع يحتاج ربيعاً جديداً لردم الهوة الكبيرة التي أنشأها الإسلام السياسي.
المصدر: الوطن اون لاين