قلنا: ربما تفهم إيران الرسالة، ربما يقنع زعماؤها أن العالم تغير، وأن التفكير بعقلية الماضي صار من الماضي، وأنه لو عادت عادٌ وثمود ستعود الإمبراطوريات المدفونة في ركام التاريخ.
قلنا: ربما يحسن الإيرانيون التصرف ولو مرة واحدة في تاريخهم، ويقلعوا عن أساليب العصابات والقرصنة.. ولكن لا جدوى «فلكل امرئ من دهره ما تعود»، وهؤلاء تمرسوا على تصديق الأوهام التاريخية، والقفز على الحقائق بحبال من الهواء، وتميزوا بباطنية فجة، يقولون ما لا يفعلون، فمن يسمع تصريحات بعض المسؤولين لديهم يشعر أن العالم بخير، وأن إيران ليست إيران التي عرفناها وألفناها وقاسينا ما قاسينا من تدخلاتها في شؤون الغير وممارسة دور «شيخ الغفر».
الآن دخول الزوارق الإيرانية في المنطقة المقسومة ما بين السعودية والكويت لا يفسر إلا شيئاً واحداً، ألا وهو أن هذه الدولة الشوفينية لن تكل ولن تمل عن بسط أجنحة الشر، ولن تكف عن إيذاء الآخرين وإقلاقهم.. وأعتقد أن الزوارق العسكرية الإيرانية لم تذهب إلى هذه المنطقة «المغمورة» للنزهة، أو ذهبت خطأ لصيد السمك، فلدى إيران بحار وأنهار تكفيها لو أنها تجشمت الحلم الجميل، ولكن على ما يبدو أن حلم «المرزبان» الذي احتلت اليمن خيله في عهد سيف بن ذي يزن لم يزل حياً يحك جلد القادة الإيرانيين، ويقض مضاجعهم، ويدفعهم دفعاً لأن يعيدوا الكرة والكرة مرات ومرات على أي بقعة من المنطقة العربية، كما أن إحباط مخططهم في اليمن مجدداً على يد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية قد رفع من درجة السعار والشطط لدى هؤلاء القادة الإيرانيين، وجعلهم يتخبطون ويشطون ويسخطون وينحطون ويحاولون بأي وسيلة كانت أن يشغلوا المنطقة بمثل هذه الممارسات، ولتبقى إيران في قلب المشهد وفي أعلى اللوحة في المنطقة.. وكنا نتمنى أن يعي هؤلاء أن إيران دولة كبيرة، وأن تاريخ شعبها يؤهله لأن يتصدر الحياة الإنسانية بمختلف الأصعدة، ولكن بماذا؟ بعلاقة حسن الجوار والتعاون المشترك لبناء منظومة اقتصادية ثقافية قوية وراسخة.. كان بإمكان إيران أن تفعل ذلك ولكن العقيدة العدوانية والفكر السوداوي والأجندة المفتوحة على الكراهية والحقد تمنع ذلك من الوصول إلى أذهان قادة إيران، ولكن فإن حاصد الشر لا يحرق، إلا أنه، والوضع الاجتماعي والاقتصادي الإيراني، مهيأ لأن يصبح جمرة في حلوق من يشعلون الجمرات في طريق الآخرين.. وكما تُدين تُدان والديان لا يموت.. فحضارات وأمم كانت أقوى من إيران بادت بعد أن سادت، لأن بذرة العدوانية أكلتها بعد أن سببت الآلام للآخرين.
المصدر: الاتحاد