ليست مجرد «كاميرات»

آراء

خرج من بيته، متوجهاً لسيارته، في طريقه لعمله وهو في قمة النشاط والتفاؤل والإيجابية، ولكنه تسمر أمام باب سيارته وقد فوجئ بكسر المرآة الجانبية لها مع وجود «شحفات» بارزة على امتداد ذات باب السائق، تجمع بعض الجيران والمارة في تلك الساعة من الصباح والناس كل متوجه لمقصده.

أشار عليه بعضهم بطلب مساعدة حارس المبنى، لعل كاميرات المراقبة صورت من قام بتلك الفعلة المزعجة ولم يكلف نفسه عناء التوقف أو ترك رقم هاتفه للتواصل معه. ولكن الحارس صدمه عندما أبلغه بأن الكاميرات خارج الخدمة وأن الشركة التي تدير العقار لم تصلحها بعد. وهكذا قيدت المسألة ضد مجهول ليحال الأمر إلى «ساعد» وشهادتها التي تكلف 500 درهم.

في مواقف كهذه تبرز الأهمية الفائقة لكاميرات المراقبة التي كان بعضهم يعتقد أنها ستكون مقيدة لحركته، قبل أن يدرك الجميع الدور الحيوي الكبير الذي تؤديه في خدمة الإنسان والمجتمع وتعزيز أمنه وسلامته واستقراره. لذلك توسعت مختلف الجهات والهيئات والمؤسسات، حتى الأفراد، في استخدامها. وقد أسهم دخول الذكاء الاصطناعي طرفاً في الأمر لمساعدة الدوائر المختصة في الوصول إلى المطلوبين، ليس ذلك فحسب، بل العمل بطريقة استباقية للحيلولة من دون ما يعكر صفو المجتمعات.

وقد أثبتت الدراسات والوقائع أن المناطق التي تتوافر فيها الكاميرات تكون أقل تسجيلاً للحوادث عن غيرها التي تفتقر لوجودها، ليس فقط على ذلك الصعيد وحسب، وإنما في مواقع العمل والإنتاج حيث ترتفع إنتاجية المرافق المزودة بالكاميرات لأنها تتيح للمسؤول متابعة عماله وموظفيه.

وقد نجحت العديد من الجهات الرسمية في الإمارات في تنفيذ مبادرات لمتابعة أعمالها من خلال التفتيش الذكي، مثل وزارة الموارد البشرية والتوطين، وكذلك «البلديات» و«السلامة الغذائية» وغيرها، التي أصبحت اليوم تستخدم «المسيرات» المزودة بالكاميرات الذكية في تنفيذ أعمالها ومبادراتها.

في العديد من المدن الأوروبية والآسيوية هناك كاميرات مراقبة أعدادها تفوق عشرات الملايين، يعتمد عليها في ضبط الالتزام بالقوانين والوصول للمخالفين والعبرة في القدرة على سرعة الاستجابة للتعامل مع أي طارئ.

ومن المهم للغاية حرص مختلف الجهات، وبالذات الخاصة، على التأكد من عمل كاميرات المراقبة، فالأمر لم يعد ترفاً، بل مساهمة في صون المجتمع وحمايته، حتى لا تفاجأ عند وقوع أي أمر طارئ كما فوجئ صاحبنا بحالة سيارته، و«عندما يفوت الفوت ما ينفع الصوت».

المصدر: الاتحاد