تقع محاضر ليوا في قلب منطقة الظفرة، وتعرف بأنها قلعة البدوي الأصيل، وحصن الإماراتي الشجاع، وواحة عامرة بالطيبة والكرم والنخوة، وكانت ملجأ أبناء أبوظبي في الماضي، وحصنهم المنيع الذي لم تطأ أرضه قدم عدو، ولم يعش فيها غريب في يوم من الأيام، وتجد فيها الأصالة بكراً، ويشدك فيها الحنين إلى الماضي بقوة، وتحظى باهتمام خاص من قبل القيادة الرشيدة.
وينتاب الدالف إلى محاضر ليوا شعور بأنه يمتزج مع التاريخ ذاته، فهي بوابة التاريخ، وكل ذرة من ترابها حرف مضيء في سيرة الرعيل الأول، واليوم هي ملحمة التطور والمجد التي يعيشها أبناء الوطن.
وتعتبر واحة ليوا من أهم الواحات الصحراوية، فهي ذات موقع استراتيجي مهم، ومنها يمكن أن تتجه إلى أي إمارة شمالية، أو الدول المجاورة، لذا تعتبر ملتقى القوافل القادمة من جنوب الإمارات وشرقها، والمتجهة شمالاً أو غرباً أو جنوباً، وتلك العابرة إلى الجزيرة العربية.
طبيعة السكان
ويُقسِّم المواطن محمد بن علي المرر «75 عاماً من مدينة زايد» سكان واحة ليوا إلى سكان مستقرين بصفة دائمة داخل المحاضر، والقسم الآخر من يمتلكون المزارع ويترددون عليها من أهل أبوظبي والجزر ومدن المنطقة الغربية الأخرى، ومنذ سنوات تحولت محاضر ليوا إلى مدينة حديثة متكاملة تتوافر فيها كل الخدمات الضرورية، إذ تم إنجاز مشاريع زراعية رائدة، وتزهو اليوم بمزارعها التي تنتج أنواعاً مختلفة من الخضر والفواكه.
ويُرجع المرر تسمية ليوا إلى الشكل والطبيعة، فكل المحاضر عبارة عن بقع «قطع زراعية» منخفضة ذات خصوبة مرتفعة، يحيط بها من جميع الجهات كثبان رملية مرتفعة، تفتقر إلى الزراعة والخضرة التي تنمو وتزدهر تحت هذه الكثبان بمسافة أمتار قريبة فقط.
بحيث يراها الإنسان وكأنها خضرة وزراعة تحتضنها الرمال «أو تلوي عليها الرمال»، كما أن المحاضر ككل متلاوية بعضها مع بعض، «أي متحاضنة»، من أولها من جهة الشرق إلى آخرها في جهة الغرب.
أطياف متنوعة
أما المواطن عتيق عيسى القبيسي (75 عاماً من محاضر ليوا)، فيرى أن سبب تسمية المنطقة ربما يعود إلى أنها منطقة كانت تؤوي عدداً كبيراً من القبائل ذات أطياف متنوعة، منها القبائل المستقرة بصفة دائمة في المكان، ومنها القبائل التي تأوي إلى المنطقة في فصل الصيف من أجل المقيظ، والاستمتاع بالجو اللطيف وسط مزارع النخيل، كما لجأت إليها قديماً القوافل والقبائل المتنقلة في إقليم الظفرة، بحثاً عن المراعي.
من أجل الحصول على الماء العذب للشرب وسقي الركاب «الجمال» والبهائم، لهذا يمكن القول إنها تؤوي القبائل وسط الصحراء في زمن يعتبر المأوى صعب المنال، ولا يصلح كل مكان أن يكون مأوى، لهذا جاءت التسمية من الفعل «يأوي»، فشاع عليها اسم ليوا.
رمال خلابة
ويقول: المحاضر قديماً هي تلك الواحات الهادئة الساحرة في حسنها، والقابعة بين تلال الرمال الخلابة ببساتينها وأشجارها الغنّاء ومائها العـذب ونسيمها العلـيل، وكانت تعتـمد اعتماداً رئيساً على مياه الآبار، تروي بساتينها، ويرتوي منها سكانها وأشجارها وبهائمها.
ويؤكد أن الواحات كانت الوجهة المفضلة للحضار، ومن أشهر الحضار قبائل القبيسات والمحاربة والهوامل والمناصير والمزاريع، ومع مرور الوقت استقروا فيها، إذ كانوا يتجهون إلى الغوص، ومن ثم يأتون إلى أبوظبي، ويتجهون إلى ليوا للمقيظ في محاضرها، أما المحاربة والقبيسات فكانوا يقيظون في محضر «مزيرعة»، والقبائل الأخرى يطيب لها المقيظ في المحاضر الأخرى.
نهج زايد
ثمن محمد بن علي المرر توجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بخصوص تحويل المحاضر إلى مدينة حديثة متطورة في قلب الصحراء، وتوفير كل سبل الراحة للمواطنين، وتلمس احتياجاتهم، وتلبية مطالبهم، استكمالاً لنهج المغفور له بإذن الله الشيخ زايد في توفير مساكن حضارية بمواصفات عالية لكل أبناء الوطن، لبناء أسر مستقرة تسهم في رفعة الوطن وازدهاره.
وذلك بأوامر مباشرة من الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وتحت إشراف ومتابعة سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل حاكم أبوظبي في المنطقة الغربية.
وكانت الرحلة إلى أبوظبي شاقة ومخيفة وسط الرمال، وتستغرق أسبوعاً كاملاً، لا يخفف من مشقتها إلا المرور على بعض الطوايا، فتروي ظمأ الإنسان والحيوان، ومن أهم المدقات القديمة إلى أبوظبي طريق شاه، إذ يمر المسافرون على بدع «مسماه»، ومنها على «عصب»، وهو حالياً محمية، ومن «عصب» إلى «الهيمة»، ثم «البديعة»، ومنها يتم الوصول إلى أبوظبي.
المصدر: المنطقة الغربية – وام