أستاذ العلاقات الدولية المتخصص في الشأن الآسيوي من البحرين
صورة جماعية لمؤسسي وأعضاء النادي الأدبي في عام 1924
بدأت الحركة الأدبية والثقافية في الكويت في عهد المغفور له الشيخ مبارك الصباح. ففيه تم تأسيس المدرسة المباركية في عام 1911 والجمعية الخيرية. وفي عهد المغفور له الشيخ أحمد الجابر تم افتتاح المدرسة الأحمدية في عام 1921 وتبعه افتتاح صرحين علمي وأدبي هما المكتبة الأهلية والنادي الأدبي ويعود الفضل في ذلك إلى الادباء والمحسنين من أهل الكويت. وفي ما خص الجمعية الخيرية تحديدا، فقد افتتحت في عام 1913 وضمت كتبا نفيسة كثيرة تبرع بها رجالات البلاد وأثرياؤهم. هذه الكتب صارت لاحقا نواة لتأسيس المكتبة الأهلية في عام 1923 ويرجع الفضل الأكبر في ظهور هذا الكيان الثقافي إلى كثيرين من أهل الأدب والثقافة الكويتيين وعلى رأسهم الشاعران خالد الفرج وصقر الشبيب والمرحوم الشيخ يوسف بن عيسى القناعي «الجناعي» الذي ترأس المكتبة بنفسه وعين المرحوم سلطان الكليب مديرا لها.
بعد ذلك، وتحديدا في عام 1924، فكر مجموعة من الشباب الكويتي المثقف في تلك الفترة في تأسيس ناد يجمعهم ويكون ملتقى لهم لتبادل الآراء والأفكار فيما بينهم وإلقاء المحاضرات ونشر العلوم النافعة والمعرفة بين الشباب. ويعتبر هذا النادي، الذي أطلق عليه اسم «النادي الأدبي»، هو أول ناد يؤسس في تاريخ الكويت ويعود الفضل في ذلك لصاحب الفكرة المرحوم خالد سليمان العدساني رحمه الله. وقد ساهم أهل الكويت في النادي ماديا ومعنويا عبر تزويده بالكتب النافعة والصحف والجرائد الصادرة في ذاك الوقت، كما ساهم الحاكم الشيخ أحمد الجابر رحمه الله في نشأة النادي أيضا، بينما شارك عبدالعزيز الرشيد رحمه الله في إلقاء محاضرات عن الأخلاق والفقه واللغة العربية.
هذه المقدمة هي توطئة للحديث عن الرجل الذي يـُوصف في تاريخ الكويت بمؤرخ البلاد الأول ورائد صحافتها ألا وهو المرحوم عبدالعزيز الرشيد. في حقبة ظهور الرجل كانت الصحافة في الكويت شبه معدومة بسبب صغر المجتمع الكويتي ومحدودية الأخبار والأحداث الداخلية. حيث كان ما يصدر مجرد كشكول شهري تجمع فيه الطرائف والقصص والمقالات المأخوذة من الصحف الصادرة خارج البلاد والتي كانت تصل دون انتظام من القاهرة وبغداد وبيروت ودمشق. واستمر الحال على ذلك إلى أن قام الرشيد بإصدار صحيفته المسماة بصحيفة «الخليج العربي» في عام 1928، ليفسح بذلك المجال امام صحف ومجلات كويتية أخرى مثل صحيفة «الرائد» ومجلة «الكويت اليوم» في عام 1954، إضافة إلى مجلة «البعثة» التي كانت تصدر عن بيت الكويت في القاهرة بإدارة وإشراف الوزير المرحوم عبدالعزيز حسين التركيت وزملائه من الطلبة الكويتيين المبتعثين إلى مصر. وليصدر في عام 1956 أول قانون للمطبوعات ينظم العلاقة بين الصحافة والدولة.
ولد عبدالعزيز بن أحمد الرشيد في الكويت في عام 1887، وتوفي في جاكرتا في الثالث من فبراير 1938. وعــُرف عنه دعوته إلى فهم الإسلام فهما صحيحا مع يوسف بن عيسى القناعي، حيث كان الرجلان من أوائل الدعاة الذين أباحوا قراءة الصحف وطباعتها، ودعوا إلى تدريس العلوم العصرية في المدارس، وقاوما محاولات التيار الرجعي المتشدد في الكويت لتحريم ما أحله الله، الأمر الذي تسبب في إهدار مشايخة هذا التيار لدم الرشيد.
أما عن جذور الرجل وعائلته فتقول سيرته الذاتية المنشورة أن والده وأخوته هاجروا إلى الكويت من منطقة الزلفي في نجد بسبب القحط الشديد، وأنه بدأ تعليمه في سن السادسة بتعلم القرآن على يد الملا زكريا الأنصاري. وبعدما ختم القرآن على يد الأخير انتقل للدراسة على يد الملا عبدالله خلف، ومن ثمّ ذهب إلى مدينة الزبير في جنوب العراق، طالبا العلم عند شيخها «محمد عبدالقادر العوجان»، حيث ظل عنده سنة كاملة لدراسة الفقه الحنبلي. وفي عام 1903 عاد إلى الكويت وتزوج فيها وهو لم يتعد سن السادسة عشرة. بعدها بثلاث سنوات (عام 1906) ترك الكويت إلى مدينة المبرز في الأحساء للدراسة على يد الشيخ «عبدالله بن علي آل عبدالقادر».
طاب المقام للرشيد في المبرز فلم يتركها إلا حينما دعاه والده للعودة إلى الكويت. وهو لئن عاد بالفعل، إلا أنه هرب من والده ورجع إلى الأحساء في عام 1908 ليبقى فيها مدة من الزمن قبل أن يعود إلى بلاده للعمل مع والده في الغوص على اللؤلؤ، وبمجرد أن شب واشتد عوده، راح يعمل في تجارة الجلود مع والده على نحو ما كان يفعل معظم أقرانه في تلك الحقبة. وقد قاده عمله مع والده إلى السفر على ظهور الجمال إلى بلاد القوقاز لبيع الجلود. وتذكر سيرته أيضا أنه شارك وأصيب في حرب الجهراء في عام1920.
في عام 1911 توجه الرشيد إلى بغداد ليلتحق بالمدرسة الداودية لصاحبها محمود شكري الآلوسي، فدرس على يديه شرح السيوطي لكتاب ألفية ابن مالك، ولم يكمـّل الدرس معه لسبب غير معروف، لكنه أكملها لاحقا على يد ابن عمه «علي علاء الدين الآلوسي». وقد شجع الشيخ محمود الألوسي تلميذه الرشيد على التعاون مع تلميذه الآخر الشاعر العراقي معروف الرصافي لجهة البحث عن مسألة الحجاب والرد على دعاة سفور المرأة.
بعدها ترك الرشيد بغداد قاصداً القاهرة عندما سمع عن افتتاح دار الدعوة والإرشاد في فبراير 1912 للتتلمذ على يد الشيخ رشيد رضا. ويقال انّ الرشيد طلب الالتحاق بتلك الدار، لكن طلبه رُفض لسبب غير معروف، الأمر الذي دفعه إلى مغادرة مصر والذهاب في العام نفسه إلى مكة المكرمة ثم المدينة المنورة التي ظل فيها لمدة سنة، قبل أن يرحل عنها إلى الزلفي، حيث لبس فيها الجبة والعمامة على طريقة علماء الشام والعراق، طبقا لما أورده محمد حسين غلوم في مقال له عن الرشيد في مجلة العربي الكويتية في العدد 427 (يونيو 1994).
وحينما عاد إلى الكويت من الزلفي تم تعيينه ناظرا للمدرسة المباركية في عام 1917، وقد استمر في هذا العمل لمدة سنتين أي إلى عام 1919، أدخل خلالهما إلى مناهج التعليم مواد جديدة كان محرم تدريسها وقتذاك مثل الجغرافيا والهندسة واللغة الانجليزية. ولما شعر بضعف الإقبال على دراسة اللغة الانجليزية في المدرسة المباركية بسبب سطوة التيار الرجعي المتشدد، خصوصا وأنّ المدرسة كانت تعمل بفضل دعم وتبرعات الأهالي، طالب بتأسيس مدرسة جديدة، فكان له ما أراد حيث ظهرت المدرسة الأحمدية التي تم إدارج اللغة الانجليزية فيها كأحد مقرراتها، بل قام الرجل بالانخراط فيها كأحد أعضاء هيئتها التدريسية، وساهم في إقامة حفل للتأكد من نجاح فكرة المدرسة، كما اقترح طريقة لكشف مواهب الطلاب ومعلوماتهم الشفهية أمام الحاضرين الذين كان في مقدمتهم الشيخ أحمد الجابر الصباح وحمد المبارك الصباح وصالح الإبراهيم وسيد حامد سيد رجب النقيب ويوسف النقيب وحمد الخالد وعدد آخر من الحضور. إلى ذلك قام الرشيد بنفسه بكتابة إحدى المسرحيات التي مثلها الطلبة ولقيت الترحيب والنجاح، طبقا لما ورد في العدد 17 من «رسالة الكويت» الصادرة عن مركز البحوث والدراسات الكويتية في يناير 2007.
وفي عام 1921، وبينما كان مدرسا في الأحمدية، تم اختياره ليكون عضوا في مجلس الشورى الكويتي الأول. وفي عام 1924 ألف مسرحية أخرى بعنوان«المحاورة الإصلاحية» بيـّن فيها طبيعة الصراع بين العلماء المجددين من أمثاله والعلماء التقليديين من أمثال الشيخ أحمد الفارسي. وقام الرشيد بطبعها في بغداد في العام ذاته، وتم تمثيلها في نفس العام على مسرح المدرسة الأحمدية.
وفي عام 1926 قام بتأليف كتابه الأشهر والأكثر فرادة وقتذاك وهو كتاب «تاريخ الكويت» الذي تم طبعه في المطبعة العصرية ببغداد. ولهذا الكتاب قصة يجب أن تروى، حيث كانت فكرته تراود الرجل منذ زمن طويل بدليل أنه ذكر لصديقه «أحمد فهد الخالد» أنه يتطلع إلى تدوين تاريخ الكويت ليكون ذلك بمثابة هدية يقدمها إلى وطنه وشعبه طبقا لما ورد في مقال منشور في «رسالة الكويت» (يناير2004) بعنوان «كيف دون عبدالعزيز الرشيد تاريخ الكويت». وتنفيذا للفكرة النبيلة التي راودته، قام الرجل ابتداء من عام 1925 بجمع المعلومات المطلوبة عبر الاستفسار من بعض رجالات الكويت الثقات من أمثال حمد الخالد الشملان آل سيف، وسيد حامد النقيب، وملا حسين التركيت عن الأحداث التي وقعت في الكويت، بل ان العملية قادته أيضا إلى سؤال أشخاص من خارج الكويت. وفي هذا السياق يذكر المصدر السابق الذي أتينا على ذكره أنّ الرشيد سافر إلى البحرين ليسأل الشيخ إبراهيم بن محمد آل خليفة عن سبب هجرة آل صباح الكرام من الهدار إلى الكويت. وبعدما انتهى الرجل من جمع كافة المعلومات المطلوبة وكتابة المسودة راح يستأنس برأي بعض زملائه، فاقترح عليه السيد هاشم الرفاعي أنْ يذهب إلى الحاكم الشيخ أحمد الجابر الصباح للحصول منه على المزيد من المعلومات والمستندات والوثائق التاريخية. وقد قام الرجل بالفعل بالاتصال بالحاكم الذي أمر رئيس كتاب ديوانه «ملا صالح بن محمد الملا» بإمداده بكل ما يريد.
جملة القول انّ كتاب الرشيد الأشهر رأى النور في بغداد، متوجا بصفحة إهداء إلى الزعيم التونسي عبدالعزيز الثعالبي، لكنه ظل حبيس الجمارك لبعض الوقت مع تسرب نسخ قليلة منه سرا إلى الكويت.
وبعد أنْ أصدر كتاب «تاريخ الكويت» راودته فكرة إنشاء مجلة باسم الكويت، فبعث برسالة بهذا المعنى إلى الحاكم الشيخ أحمد الجابر الصباح، طالبا منه السماح بذلك، وقائلا: «إنّ إصدار مجلة للكويتيين في الكويت أمنية كان الوصول إلى قمتها من أسمى ما تتوق إليه النفس، ومن أجلّ ما تتمناه في هذه الحياة». وقد وافق الحاكم على إصدار المجلة، مشترطا أنْ يكون «يوسف بن عيسى القناعي» مراقباً عليها، فوافق الرشيد على ذلك دون تردد. وهكذا تم إصدار «مجلة الكويت» في عام 1928 لتدخل التاريخ كأول مجلة في الخليج العربي، وقام صديقه الأديب السوري «خير الدين الزركلي»، بطبع 500 نسخة منها في القاهرة، فيما بلغ عدد المشتركين فيها 300 شخص، كان أبرزهم شيخ الأزهر مصطفى المراغي. ونالت هذه المجلة إعجاب الكثيرين من الأدباء والعلماء، وظهرت عنها تقارير في أبرز المجلات العربية آنذاك مثل مجلات المنار والأقلام والزهراء المصرية، وجريدة الشورى.
بعد ذلك غادر الرشيد الكويت إلى البحرين، بينما ظل يصدر المجلة حتى أكملت سنتها الثانية وعددها العاشر في مارس 1930، وكان هدف المجلة هو نشر الإصلاح والقضاء على التخلف في العالم العربي والإسلامي، وقد كتب فيها عدد من المثقفين العرب في ذلك الوقت مثل عبدالقادر المغربي وشكيب أرسلان وعبدالعزيز الثعالبي ومحمد علي طاهر، طبقا لما كتبه ابنه «يعقوب عبدالعزيز الرشيد» في العدد 506 من مجلة العربي (يناير 2001) تحت عنوان «رواد الثقافة والفكر في الكويت: الشيخ عبدالعزيز الرشيد الرحالة ورائد الصحافة الكويتية».
الحقبة التالية من حياة الرشيد يصح أن يــُطلق عليها حقبة المغامرات. ففي فبراير 1931 قدر له أن يلتقي بالملك عبدالعزيز آل سعود في مكة المكرمة أثناء مأدبة أقيمت على شرف كبار الحجاج والشخصيات. وبهذه المناسبة ألقى الرشيد قصيدة امتدح فيها العاهل السعودي، ثم اتفق معه على تنفيذ فكرة من بنات أفكار «عبدالله السليمان الحمدان» وزير مالية الملك هي أن يذهب إلى أندونيسيا للدعوة إلى العقيدة السلفية ولدعوة الاندونيسيين إلى الحج، وأيضا للاطلاع عن كثب على أحوال الجالية العربية الحضرمية في أندونيسيا، حيث كانت أندونيسيا وقتذاك تعيش صراعا طبقيا إجتماعيا مذهبيا داخل جاليتها العربية الحضرمية المنقسمة إلى الجماعة الإرشادية والجماعة العلوية المنحدرة من نسل الرسول. وهكذا ما أن انتهى موسم الحج إلا والرشيد يمتطي إحدى بواخر الحجاج الذاهبة إلى أندونيسيا ومعه مائة جنيه استرليني وكسوة فاخرة مهداة من العاهل السعودي.
في يوليو 1931 وصل الرشيد إلى جاكرتا بعد أن قابل في طريقة في سنغافورة صديقة المذيع والصحفي والرحالة العراقي يونس بحري «صاحب إذاعة برلين حي العرب» حيث اتفقا على تأليف قلوب الحضارمة. وقد حل الرشيد ضيفاً على رجل الدين السوداني المقيم في أندونيسيا «أحمد السوركتي»، وحاول هو ويونس بحري أن يحلا الخلاف الحضرمي ـ الحضرمي عبر رفعه إلى الأزهر الشريف في القاهرة من أجل الإفتاء وفقا للمذهب الشافعي، لكنهما لم ينجحا في ذلك.
وفي سبتمبر 1931 أصدر الرشيد مجلة اسمها «الكويتي والعراقي» مع صديقة يونس بحري، واستمرت هذه المجلة، وهي دينية أدبية أخلاقية تاريخية مصورة، في الصدور حتى 25 يناير 1933 عندما اختفى صديقه العراقي، وقد أهدى الرشيد العدد الأول من المجلة المذكورة إلى الملك عبدالعزيز قائلا لجلالته العبارة التالية «هذه هديتنا يا مولاي نقدمها إلى سدتكم الملوكية بيد الحياء والخجل، وما كان لنا أن نتقدم إلى جلالتكم لولا علمنا بتنشيطكم لكل داع إلى الحق ومخلص للدين ودعاته أيا كان، وفي أي محل، فهل يا مولاي ستجبر منا القلوب بقبول هذه الثمرة التي اقتطفناها من غصن حياتنا في سبيل الإصلاح والإرشاد فتلبسنا بهذا التنازل بردا من التشجيع قشيبا يدفعنا إلى العمل بقوة ونشاط؟». أما في افتتاحية العدد فكتب: «هذه المجلة (الكويت والعراقي) نقدمها إلى القراء الكرام في عاصمة البلاد الجاوية التي نراها في أشد الحاجة إلى مثلها، قياما بما علينا من واجب محتم لديننا المقدس وأبنائه الأماثل، وحسبنا شرفا بإنجاز مشروعنا اليوم أن نكون من أنصار الحق في وقت قل فيه مساندوه، ومن دعاة الفضيلة في عصر كثر قائلوها، وستعنى هذه المجلة بشرح حقيقة الدين الإسلامي وتنقيه من كل ما ألصق به من بدع».
في أندونيسيا مال الرشيد إلى جانب الإرشاديين الحنابلة ضد العلويون الشوافع، وكاد أنْ يدفع حياته ثمناً لذلك، بدليل تعرضه لمحاولة اغتيال بعد أنْ تربص به بعض خصومه عند بيته، فشجوا جبهته بآلة حادة ليسقط مغشيا عليه قبل أنْ تسعفه زوجته وينقله بعض أصدقائه على عجل إلى أحد المستشفيات القريبة إلى أنْ شفي من تلك الإصابة.
أثناء وجوده في أندونيسيا قام الرشيد بالعمل في التدريس، ملقيا دروساً في فقه الحديث واللغة العربية. وبعد سنة (1932) عاد إلى الكويت حيث كانت تعاني من انتشار الجدري، وقد ظل فيها لمدة أسبوعين، غادر بعدهما متجها إلى البحرين ثم إلى ميناء العقير في الأحساء لمقابلة الملك عبد العزيز بن سعود. وفي البحرين سمع عن اللا سلكي والراديو للمرة الأولى، وقد علق على ذلك قائلا: «ليس في هذا كله من غرابة، فلا سحر ولا تنجيم، ولا شياطين، ولا كهنة، وإنما هي العقول الجبارة التي أوصلت أربابها إلى ما نرى ونسمع».
وعندما عاد إلى إندونيسيا في أوائل عام 1933 أصدر الرشيد مجلة اسمها «التوحيد» التي استمرت في الصدور حتى آخر العام، ثم توقفت بسبب انتقال الرشيد إلى مدينة «بكالونجان» حيث عمل فيها ناظراً لمدرسة الإرشاد، وأقام فيها لمدة ثلاثة سنوات.
وفي 18 يناير 1937 عاد إلى الكويت مرة أخرى، وأمضى فيها أربعة أشهر زار خلالها البصرة وبغداد للتواصل مع أصدقاءه القدماء. وفي 12 مايو 1937 ترك الكويت عائدا إلى إندونيسيا، فمر على البحرين وبعدها على الرياض لزيارة الملك عبد العزيز، ثم ذهب واعتمر في مكة المكرمة، ليغادر بعدها البلاد السعودية متجها إلى سنغافورة التي وصلها في أغسطس 1937 ومنها سافر بحرا إلى جاوة، حيث توفي ودفن في عام 1938.
قال عنه الدكتور عبدالرحمن الشبيلي في كتابه «تاريخ الإعلام في الجزيرة العربية» إنه لم يعمر طويلا (51 عاما فقط) لكنه عاش العقد الأخير من حياته في بلاد جاوة وتزوج هناك، وأصدر مجلتين.
كما تطرق إلى دور عبدالعزيز الرشيد في الدعوة بإندونيسيا بالتفصيل الدكتور يعقوب يوسف الحجي في كتابه الضخم «الشيخ عبدالعزيز الرشيد سيرة حياته» الصادر من مركز البحوث والدراسات الكويتية في عام 1993 في 670 صفحة. ومن الكتب الأخرى التي تناولت مسيرة الرجل وحياته ومآثره: كتاب «عبدالعزيز الرشيد، الصحافة وروادها» الصادر في عام 1982، وكتاب «ادباء الكويت في قرنين» لخالد سعود الزيد الصادر في عام 1967، وكتاب «قاموس تراجم الشخصيات الكويتية في قرنين ونصف» الصادر في عام 1998، وكتاب «أعلام الشعر في الكويت» لعلي عبدالفتاح الصادر في عام 1996.
إلى ما سبق، عــُرف عن الرشيد كتابة الشعر، ومن أبرز قصائده قصيدة بعنوان «إيه قومي» التي قال فيها:
إيهِ قومي ومن شقاهم شقائي
وبهم أعتلي إذا يعتلونا
خفِّفوا الوطء، فالقساوةُ شرٌّ
تجلب الْـحَين والفَنا والفتونا
إنْ ظننتم أن القساوة تُجدي
فلأنتم في ظنكم مخطئونا
ما عَهِدْنا القلوب تُمْلَكُ قسرًا
فانبذوا الطيش واصفعوا الطائشينا
ودعوا الكيد والتعالي فحقٌ
مَن تعالى على الورى أن يهونا
لا تُعادوا بغير حقٍّ رجالاً
أو توالوا من كان خِبّاً خؤونا
وعليكم بالرفق قولاً وفعلاً
إن أردتم أعداءكم يرفقونا
المصدر: صحيفة الأيام البحرينية