مؤشر لرصد بيئة التسامح في حكومة دبي خلال شهرين

أخبار

يطلق برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، خلال شهرين، مؤشراً داخلياً لقياس بيئة التسامح في مؤسسات دبي الحكومية، الذي سيجري تنفيذه بالتعاون مع الجهات الحكومية كافة المشاركة في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز.

جاء الإعلان عن ذلك، خلال ندوة نظمها البرنامج، أمس، بعنوان: «التسامح المجتمعي.. دور الحكومة»، حضرها نحو 400 موظف، وأشار مشاركون فيها إلى أن الهدف الرئيس من تنظيمها يتمثل في نشر وتعميم مفاهيم ومبادئ الإدارة الجيدة والأخلاقية، التي يُعد التسامح جزءاً أصيلاً من مكوناتها.

ونوه المشاركون برسالة الاحترام والمحبة التي وجهتها الدولة إلى العالم، وتمثلت في استحداث وزارة للتسامح، وهي أول وزارة في العالم، تحمل في مضمونها رسالة خير وتقبل للآخر من وطن الخير والاحترام. فيما استهدفت الندوة محاور رئيسة تدور حول فكرة التسامح وتعزيز ثقافته في المجتمع، فضلاً عن حماية أفراد المجتمع من أمراض التعصب ونبذ الآخر، علاوة على دور الحكومة في تشجيع التسامح المجتمعي.

ولم يغب الوضع العالمي المضطرب وما يعيشه من حالة عدم استقرار – خصوصاً في المنطقة العربية – عن فعاليات الندوة، التي تطرقت إلى دور الحكومة في تعزيز التسامح لاحتواء مثل هذه الاضطرابات، وما انتهجته الدولة من كفالة الحرية الدينية التي يتمتع بها المقيمون جميعاً، بما لا يتعارض مع قوانين الدولة، وما أفرزه ذلك من حالة تسامح حقيقي يصعب إيجاده في أماكن أخرى.

تعزيز التسامح

وأكد مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، خلال افتتاحه الندوة، أهمية التسامح المجتمعي في أي دولة، ودور الحكومة في تعزيز هذا التسامح، لافتاً إلى أن حالة عدم الاستقرار في الوضع العالمي الحالي، خصوصاً المنطقة العربية، تشكل أبرز التحديات التي تواجهها المجتمعات، منوهاً بجهود دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي لتعزيز التسامح بين سكان الإمارة التي تضمّ مقيمين وزائرين من جنسيات وأعراق وأديان مختلفة، ما يتطلب جهداً إضافياً من الحكومة لضمان تجانس وتسامح سكان الإمارة وزائريها.

وأشار الشيباني إلى الحرية الدينية التي يتمتّع بها جميع المقيمين في الإمارات، إذ منحتهم الحكومة هذا الحق بما لا يتعارض مع قوانين الدولة، الأمر الذي يشير إلى التسامح الحقيقي الذي يصعب إيجاده في مكان آخر.

ثقافات مختلفة

وأكد المنسق العام لبرنامج دبي للأداء الحكومي المتميز، الدكتور أحمد النصيرات، أن البرنامج سيطلق خلال شهرين مؤشراً داخلياً لقياس بيئة التسامح في مؤسسات دبي الحكومية، الذي سيجري تنفيذه بالتعاون مع الجهات الحكومية كافة المشاركة في برنامج دبي للأداء الحكومي المتميز.

وقال النصيرات: «سنضع معايير ومتطلبات واضحة لقياس مؤشرات التسامح في مؤسسات حكومة دبي، وسنحصل على بيانات مباشرة من قبل الموظفين والمراجعين للدوائر الحكومية، حول معايير ومتطلبات الإدارة الأخلاقية والإنسانية».

وتابع: «مؤشر التسامح سيعكس رأي الموظفين والجمهور حول بيئة التسامح لدى كل دائرة يراجعها متعاملون، وهو يشبه استطلاع رأي لسعادة الموظفين، ورضا المراجعين، وسيتم التوصل إلى نتائجه من خلال السؤال المباشر للمتعاملين، وعن طريق المتسوق السري، ووسائل أخرى كثيرة نمتلكها لاستطلاع الرأي».

وأضاف النصيرات: «ستُجرى عملية القياس للرأي الراجع من الموظفين عن طريق حزمة من الأسئلة التي يتم توجيهها إلى الموظفين في هذا الصدد، وسنعلن بعد انتهاء حفل توزيع جوائز التميز الحكومي، عن البدء رسمياً في وضع متطلبات الإدارة الأخلاقية والإنسانية، على أن يكون جاهزاً كلياً اعتباراً من الدورة المقبلة».

واعتبر أن «الندوة جزء من سلسلة متميزة من الندوات المتخصصة، التي تهدف إلى نشر وتعميم مفاهيم ومبادئ الإدارة الجيدة والأخلاقية، التي يعتبر التسامح جزءاً أصلاً منها ومكوناً أساسياً فيها».

ولفت إلى أن الدولة وجهت رسالة محبة واحترام وتسامح ووسطية إلى العالم كله، عندما استحدثت أول وزارة للتسامح في العالم، وهي رسالة للخير وتقبل الآخر من وطن الخير والاحترام، مضيفاً أن المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تبنى مفهوم تقبل واحترام الآخر والتسامح معه، هذه الدولة الإنسانية التي يأتيها الناس من كل الدنيا ليعيشوا بأمن وسلام ومودة وخير على أرضها الخيرة.

وتابع: «لا يتوقّف التسامح على التقارب مع الثقافات الأخرى فحسب، إنّما يأخذ طابعاً أكثر اتساعاً ليشمل التسامح الاجتماعي بمختلف جوانبه، فالتسامح مفهوم شامل يبدأ بالذات ويعمّ ليشمل كلّ المجتمع، وتقع مسؤولية نشر التسامح وتعزيز ثقافة التآخي والمحبة على الجميع من أفراد ومؤسسات، التي يطلب منها تأدية دور فاعل في التعريف بالقيم الحقيقية للدين الإسلامي السمح والمعتدل».

الإسلام دين التسامح

وتطرقت الندوة إلى مجموعة من المحاور الرئيسة التي تصبّ في إطار فكرة التسامح، وتهدف إلى تعزيز هذه الثقافة وحماية المجتمع من أمراض التعصّب ونبذ الآخر، وتؤكّد دور الحكومة في تشجيع التسامح المجتمعي، إذ قدّم مدير إدارة الإفتاء عضو هيئة كبار العلماء بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، الدكتور أحمد بن عبدالعزيز الحداد، محاضرة حملت عنوان: «الإسلام دين التسامح»، أشار فيها إلى أنّ التسامح منهج الإسلام في كل شؤونه.

وقال: «ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله (أحب الأديان إلى الله الحنيفية السمحة والحنيفية هي ملّة إبراهيم، التي أورثها الله تعالى المسلمين، والمسلمون معنيون عناية كبيرة بإظهار هذه السماحة حتى يتحقق فيهم الدين الحنيف، ومقتضى هذه السماحة أن يكون المرء سمحاً في جميع تعاملاته بيعاً وشراء وتعاملاً اجتماعياً ودينياً، حتى تكون السماحة خلقاً ثابتاً له».

وأكّد الحداد أنّ الندوة تأتي لإبراز سماحة الإسلام في المجتمع المسلم مع المسلم وغيره، وهو المنهج الذي تسير عليه دولتنا في جميع شؤونها في الوقت الذي يعيش فيه كثير من المجتمعات ضد هذا المنهج الإسلامي ما جعلها تغرق في الفوضى.

تسامح وظيفي

من جهة أخرى، قدمت عضو المجلس الوطني الاتحادي، المهندسة عزا سليمان، محاضرة حملت عنوان: «التسامح الوظيفي»، عرضت خلالها ما أرسته دولة الإمارات من دعائم التسامح على مختلف الأصعدة، وانعكاس ذلك على البيئة الوظيفية في الدولة، عبر مقومات عدة منها ضمان العيش الكريم والسعيد لمختلف شرائح المجتمع، وترسيخ ثقافة احترام الآخر، ومنظومة قانونية تكفل حقوق كل فرد يعيش على أرض الإمارات مواطناً كان أم مقيماً وتحدد واجباته.

وتناولت سليمان، قصة نجاح الإمارات في جعل التسامح سمة رئيسة تكفل الانسجام في بيئة العمل وتنعكس على الإنتاجية، وكيف تمكنت من استثمار الاختلاف الكبير في جنسيات وثقافات من يعيشون على أرضها وتحويل أكثر من 200 جنسية إلى ثروة من التنوع في الخبرات والكفاءات التي انعكست على مختلف نواحي الحياة في الدولة.

ولفتت إلى أن أهم دعائم نجاح الدولة، بيئة العمل في مؤسسات القطاعين العام والخاص، مؤكدة أنّ «هذه الإنجازات منبعها رؤية القيادة ممثلة في صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي توّجتها بإعلانها أخيراً إنشاء وزارة للتسامح».

المصدر: الإمارات اليوم