مما لا شك فيه، أن إيران تعاني أزمة تاريخية، جعلتها تتخبط وتغلط وتشتط وتنحط في مآزق كثيرة؛ الأمر الذي يجعل من التوافق معها أشبه بالمستحيل.
فإيران التي طالما رفعت راية الجهاد من أجل تحرير القدس، لم تطلق رصاصة واحدة باتجاه من يحتل القدس، بينما نجدها، وبواسطة قائد الحرس الثوري قاسم سليمان، هبت نحو الفلوجة، والهدف ليس داعش وإنما من يسكن هذه الأرض، وهم الأبرياء الذين ينتمون إلى السُنة، والدليل أن سبعة عشر كائناً بشرياً قضوا على أيدي «الحشد الشعبي» من دون ذنب أو جريرة سوى أنهم لا يولون وجوههم إلى «قم». وإذا كان الأمر كذلك، وإذا كانت إيران تريد أن تلون العالم بالسواد المعتم، فمعنى ذلك يجب أن تحرق الكرة الأرضية، وتحيل الكون إلى محرقة كبرى، ومن ثم تقف إيران على الأنقاض والرماد، ولكن هل هذا سيحدث؟ بالطبع لا، والتاريخ كفيل أن يعطينا الأمثلة والعبر، فامبراطوريات سادت ثم بادت، وكانت تتحدث باللغة نفسها، وإن لم ترتد العباءة السوداء، فما ربحت وما برحت حتى صارت مثل عاد وثمود، لأن الحياة خلقت بالتعددية وبالاختلاف والتنوع، من يقول غير ذلك، فإن مصيره لن يختلف عن مصير الجبابرة الذين غابت نجومهم بفعل التعنت والكبرياء المزعوم والأوهام الكاذبة.
إذاً أمام إيران أحد خيارين، فإما أن تذعن لقوانين الطبيعة أو تلقى مصير من هلكوا، ومن ضاعوا بعدما ضيعوا أجمل القيم الإنسانية، وهي احترام الآخر، وأما الخدعة البصرية التي يعيشها الحكم في إيران، ويريد من خلالها تمرير ما يعتقده على الشعب المغلوب على أمره، ليصبح خمسة وثمانين مليون إنسان، يتبعون ظل الوحش حتى يقعوا في حفر الموت، وتنتهي الأمنيات إلى لا شيء إثر غياب المعلومات، فستنتهي مثل الفقاعة، مثل موجة طائشة تتكسر عند سواحل الواقع، وسوف تنهض الحقيقة تحلق بأجنحة الصقور، وسترمي بشرر لكل من قتل وشرد ونكل، والتظاهرات التي عمت أرجاء المدن العراقية، والتي اجتمع فيها السني والشيعي والكردي، مطالبين بطرد الحرس الثوري من العراق، ومعاقبة من ساوم على سيادة العراق مقابل سيادته على الكرسي، هذه الشرارة، ما هي إلا ومضة ضوء في ظلام العراق الدامس، ولكن بالتأكيد سوف تصحو الحقيقة عند جفون من غفلوا أو أغلقت عليهم نوافذ الوعي، ولن تفلح محاولات إيران للسطو على العراق أو غيره من البلدان العربية، كما فشلت في سابق الأزمان.
فما بني على باطل فهو باطل، وكل ادعاءات إيران ما هي إلا نتيجة لزبد الشوفينية والعنصرية المقيتة، تحاول إيران أن تخفيها تحت شراشف رثة، إلا أنها تعجز دائماً عن تحقيق هذه المآرب.
المصدر: الإتحاد