رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
للأسف مازال لدى الكثير من المسؤولين قناعة عمياء، وإيمان تام وكامل بالشركات الاستشارية الأجنبية، ليست تلك المختصة بالمشروعات الهندسية، ولا غيرها من الشركات ذات الأهمية في تخصصات المستقبل مثلاً، لا أبداً، بل شركات الاستشارات الإدارية التي تعمل في مجالات وضع الاستراتيجيات، وتنظيم الهياكل الإدارية، وكل ما يتعلق بشؤون إدارية بحتة!
وأقول للأسف، لأن مثل هذه الشركات عفا عليها الزمن، وهي لا تتناسب أبداً مع مستوى تطور الجهات والدوائر الحكومية إدارياً في الإمارات أبداً، بل إن الدوائر المحلية تضم من الكفاءات والخبرات الإدارية المواطنة ما يجعلها مؤهلة لنقل خبراتها لدول أخرى، وهذا ما يحدث فعلاً، فلماذا يصرّ البعض على التراجع من خلال استقدام شركات خارجية لتأدية مهام عادية جداً، ولا تحتاج إلى صرف وهدر الملايين عليها؟!
أقول لمثل هؤلاء المسؤولين، في دبي هناك كلية تعرف باسم كلية محمد بن راشد للإدارة الحكومية، استطاعت خلال فترة وجيزة أن تحصل على تقييمات عالمية في الإدارة الحكومية، وأصبحت قبلة لكثير من حكومات العالم العربي، حيث تعطي موظفيها دورات شاملة في التطوير الحكومي، والتطوير الإداري، والخدمات، وفي الهياكل التنظيمية، وكل ما تحتاج إليه المؤسسات الحكومية، كما تضم دبي جائزة الأداء الحكومي المتميز التي تضم خبرات وكفاءات قادرة على مساعدة كل الدوائر والجهات والمؤسسات الحكومية، وهذا بخلاف المؤسسات المختلفة التي تضم عناصر مؤهلة قادرة، بكل بساطة، على تنظيم ومساعدة أي جهة تحتاج إلى المساعدة، وبكل تأكيد أيضاً أن الكفاءات والخبرات، التي تضمها الكلية والجائزة والمؤسسات، أهم وأفضل وأكفأ من أي شركة استشارات إدارية أجنبية داخل الدولة أو حتى خارجها، فلماذا الإصرار على أن زامر الحي لا يطرب!
ليس هذا فحسب، بل إن بعض المسؤولين لا يعرفون إلى اليوم أن هناك خبرات إدارية إماراتية، تشرف بشكل مباشر على تأهيل وتطوير المؤسسات الحكومية في عدد من الدول العربية، وهي تعمل مباشرة مع كبار المسؤولين في تلك الدول من أجل رفع مستوى الخدمات والعمل الحكومي، ومن أجل إحداث نقلة نوعية في الخدمات الإدارية، فهل يعقل أن يستعين البعض هنا بشركات خارجية لا تملك نصف أو ربع الخبرة التي تملكها جهات حكومية إماراتية قادرة على التحسين والتطوير، في حين تلجأ دول للاستفادة من تجربة الإمارات؟ هل الموضوع هو قناعة راسخة بأهمية وجود العنصر الأجنبي الخارجي، أم المسألة تكمن في عدم الثقة بالجهات والكفاءات الإماراتية؟ أعتقد أن الأمر لا يخرج عن هذين التفسيرين!
المصدر: الإمارات اليوم