عمل محرراً في قسم الشؤون المحلية بصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، ثم محرراً في قسم الديسك ومحرراً للشؤون الخارجية مسؤولاً عن التغطيات الخارجية. وأصبح رئيساً لقسم الشؤون المحلية، ثم رئيساً لقسم الشؤون العربية والدولية ثم نائباً لمدير التحرير في صحيفة "الايام" البحرينية، ثم إنتقل للعمل مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) كما عمل محرراً في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية.
لم يعد النقاش يدور حول ما يمكن وما لا يمكن أن يتغير بفعل التطور التكنلوجي الهائل، بل متى سنشهد تغييراً في هذا الميدان أو ذاك! فتطور التكنولوجيا بات يلح علينا أن نتكيف مع حقيقة أن تغييرات هائلة ستدخل في حياتنا اليومية، وسيتعدى الأمر حدود الخيال أيضا.
وقد أثارت مناقشات القمة الحكومية التي عقدت في دبي من 10 إلى 12 فبراير الحالي، خيال الكثيرين حول حدود هذا التغيير الذي ستدخله التقنيات الحديثة على حياتنا. لكن التكنولوجيا من وجهة نظري لا تدفع ببعض الأدوات والأساليب إلى الزوال فحسب، بل إنها تخلق مفاهيم وتعريفات جديدة للكثير مما اعتدنا عليه لعقود طويلة بمفاهيم ثابتة.. ما الذي سيتغير؟
أشكال جديدة للبيروقراطية: قد لا تختفي طوابير المراجعين سريعاً، لكن من المؤكد أن الاتجاه المتزايد للاعتماد على التقنيات الحديثة في الإدارة الحكومية، قد يدفع صورة المراجع المتأفف والموظف ذي المزاج العكر إلى الاختفاء، مع اعتماد تقنيات التواصل عن بعد عن طريق رقاقة صغيرة تحمل كل البيانات المطلوبة، ودفع الأموال والرسوم إلكترونيا لإنجاز أي معاملة في أي إدارة حكومية.
اختفاء جوازات السفر: تبدو المسألة وشيكة، فبعد أن اختبر العالم السفر بالبطاقات المزودة ببطاقات الهوية ذات رقاقات تحمل البيانات الشخصية، فمن المؤكد أن الرقاقات الإلكترونية ذات قدرة التخزين الفائقة، ستحل محل الوثائق وأختام موظفي الجوازات في المطارات والموانئ.
مدارس ذكية: ليس الأمر بجديد مع خطط بدأت في دول عدة من بينها الإمارات، كل ما في الأمر أن الإعداد لمدارس من هذا النوع يتطلب وقتاً، خصوصا تأهيل المعلمين، ووضع بنية تحتية تشمل آلاف المدارس، وقليل من التردد والجدل حول المعلم/ الإنسان في عملية التعليم.
شكل جديد للديمقراطية: لا يتعلق الأمر بانتخابات عن طريق الهواتف الذكية مثلاً، بل بالإمكانيات التي أصبحت توفرها التقنيات الحديثة لإدارة نقاش وطني عام، حول أي من القضايا المطروحة للنقاش. وإذا اتفقنا أن الديمقراطية ليست ذهابا متكررا لصناديق الاقتراع فحسب (الناخبون في كل الدكتاتوريات يتوجهون بشكل منتظم لصناديق الاقتراع)، بل هي المشاركة في صنع القرار والسياسات التي يعد النقاش والإدلاء بالرأي والمناظرات إحدى أدواتها الرئيسية، فإن موقع “تويتر” و”فيسبوك” يوفران في الوقت الحاضر خيارا كهذا بكل بساطة.
يبقى الأمر رهنا بما يراه أصحاب القرار حول اعتماد وسائل كهذه لإشراك مواطنيهم في نقاش وطني عريض، في كل ما يتعلق بشؤونهم، من شؤون الحياة اليومية إلى الاقتصاد والمعيشة والقضايا السياسية. قد لا تغير التقنيات الحديثة الفهم التقليدي للديمقراطية، لكنها ستفتح الباب دون ريب لنقاش قد يستهدف إدخال تعريفات جديدة لمفهوم المشاركة في صنع القرار تحديداً.
انتهاء الخصوصية: قد يحتاج العالم إلى صياغة مفهوم جديد للخصوصية، في ظل الاعتماد المتزايد على التقنيات التي تتطور بشكل مذهل ويتزايد الاعتماد عليها يوما بعد آخر. معظم التطبيقات المستخدمة في الهواتف الذكية، والتي نستخدمها بشغف، بإمكانها أن تحصي علينا أنفاسنا وكل تفاصيل حياتنا اليومية لحظة بلحظة، بدءاً من المكان الذي نتواجد فيه، إلى تخزين الصور وإتاحتها للنشر فور التقاطها.
تراجع حجم حوادث المرور: مع السيارات المزودة بكواشف ورادارات تستكشف الطريق، مثل سيارة “غوغل”، لن تراود مسؤولي المرور في كل الدول سوى أمنية واحدة، هي اعتماد هذا النوع من السيارات التي لا تترك أي مجال للصدفة أو المفاجآت أثناء السياقة.
تراجع الميل للفخامة: إذا تنامى الاتجاه نحو اعتماد سيارات ذكية تستكشف الطريق، سينشأ جدل يدور حول المفاضلة بين الرفاهية والأمان. لكن مع تزايد اعتماد مصانع السيارات الكبرى والفخمة على الرقاقات الإلكترونية في صناعة السيارات، والاستغناء التدريجي عن المحركات الهيدروليكية والضغوط المتنامية للحفاظ على البيئة، فقد تميل صناعة السيارات إلى اعتماد سيارات ذكية أقل كلفة وفي متناول شرائح عدة.
الكتاب الورقي والصحف: ليست نبوءة جديدة على أية حال، لكن من تجربة شخصية، فقد أنهيت قراءة عشرات الكتب بنسخ إلكترونية في هاتفي النقال خلال رحلاتي في مترو دبي، وأصبحت أفكر في مكتبتي باعتبارها متحفاً، كما توقفت عن قراءة الصحف المطبوعة. فخلال نصف ساعة (29 دقيقة و19 ثانية على وجه الدقة) تستغرقها رحلتي من البيت إلى المكتب ذهابا وإيابا والعكس، أصبحت الهواتف المحمولة مكتبات متنقلة تمكننا من قراءة ما لا يحصى من المؤلفات، ولا أعتقد أن كثيرين غيري سيفكرون بشكل مختلف.
لكن تطوراً مثل هذا من شأنه أن يحول الكتب إلى سلع نادرة، سترتفع قيمتها بشكل قد يكون مبالغا فيه. وقد يصبح تمثال قارئ الكتاب في المتاحف مدعاة للتسلية للأجيال القادمة، وقد يفاجئك ذات يوم ابنك أو حفيدك الذي درس في مدارس تعتمد “التعليم الذكي”، بتعليق ساخر مثل هذا: “بابا.. هل كنتم تقرأون الكتب هكذا؟”.
خدم المنازل: قد تبدو هذه أمنية، لكن التطور المتسارع في صناعة الروبوتات يجعل من إمكانية صنع وتوفير رجل أو امرأة آلية تقوم بالأعمال المنزلية، أمراً وشيكاً. كل ما في الأمر أن انتشار “الخادم الآلي” رهن بالجدوى الاقتصادية وكلفة التصنيع. تذكروا فقط أن الكمبيوتر الذي كان بحجم غرفة كاملة، كان حكرا على شركات النفط الكبرى والحكومات، لكنه اليوم بات في المتناول بفعل التطور الكبير في الابتكارات التي أدت إلى خفض كلفة تصنيعه.
نوع جديد من السينما: مع انتشار تقنيات التصوير الثابت والفيديو عالية الدقة والبرامج الخاصة بالمونتاج، سواء عبر الهواتف الذكية أو أجهزة الحاسوب الشخصي، فمن المرجح أن تنتشر صناعة الأفلام بشكل غير متصور سيدخل سينما من نوع جديد، وقد يحتاج المختصون إلى إعادة صياغة تعريف جديد، لا للتصوير فحسب، بل لصناعة الفيلم نفسها. التقنيات المتاحة ستوفر قدرات أكبر للأفراد في إنتاج أفلام ذات جودة قد تتراوح ما بين مقبولة وعالية، وليس من المستبعد أن نشهد ولادة نوع جديد من السينما والحكاية البصرية.