كاتب سعودي
سأروي لكم حكايتين كل واحدة منهما أقصر من الأخرى، ثم سأطلب منكم خدمة بسيطة جدا، الحكاية الأولى تتلخص في وثيقة تعود إلى عشرات السنين نشرها الزميل محمود صباغ على صفحته في تويتر كانت عبارة عن ترخيص جهاز لاسلكي لتاجر في جدة استلزم وجود أختام العديد من الجهات الحكومية كي يدرك قيمة هذا الامتياز الكبير الذي حصل عليه.
أما الحكاية الثانية، فهي مشاجرة بين جارتين بسبب الأولاد، وأنتم تعرفون مشاجرات الجارات والملاسنات التي تحدث بينهن بسبب مشاكل الأولاد، وإن كنتم لم تشهدوا خناقة جارتين تردح كل واحدة منهما للأخرى أمام الباب، فإنكم لا بد وأن لمحتم مثل هذا المشهد في المسلسلات التلفزيونية.
ولكن جريدة الرأي الكويتية نشرت خبرا صغيرا قبل يومين عن سيدة ذهبت إلى مركز الشرطة كي تشتكي جارتها التي شتمتها بعد خلاف بين الأولاد، والمثير في هذا الخبر أن الجارة الشتامة لم تردح لجارتها أمام الباب كما كان يحدث منذ عشرات السنين، بل وجهت شتائمها إليها عبر صفحتها في تويتر!، ولم يوضح الخبر الصحفي ما إذا كانت الجارة المشتكية قد ردت على جارتها بشتائم تويترية مماثلة أم أنها (بلكتها) قبل أن تذهب إلى مركز الشرطة.
أبسط مقاربة بين القصتين تكون نتيجتها أننا نعيش في زمن آخر يختلف تماما عن الزمن الذي عاشه أولئك المسؤولون الحكوميون الذين مهروا بأختامهم ورقة ذلك التاجر المحظوظ الذي حصل على ترخيص باستخدام اللا سلكي، زمن تجتمع فيه المعلمات بعد الدوام عبر الواتس أب، ويختصر مديرو الشركات الكبرى رحلاتهم من خلال مقابلة من يريدون عبر برامج الإنترنت المتطورة، ويعرف أفراد الأسرة الواحدة أخبار أبنائهم وبناتهم المنتشرين في المدن والقرى من خلال برامج الاتصال المجانية.
نعم، إنه زمن جديد (بقراطيسه)، ولكن هيئة الاتصالات التي ورثت الأختام عن أولئك الذي منحوا التاجر الجداوي ترخيص اللا سلكي لم تعرف بعد أننا دخلنا في الزمن الجديد، ولا تستطيع تخيل حجم التحول الكبير الذي أحدثه هذا الزمن الجديد في حياة الناس، لذلك أتمنى من أي قارئ كريم يسكن بالقرب من هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن يمر عليهم بعد الظهر كي لا يشغلهم عن متابعة خططهم بخصوص منع الواتس أب والفايبر وسكايب وتانجو، وأن يقول لهم جملة واحدة فقط: (يا جماعة الخير.. ترى ما عندكم سالفة)!.
المصدر: صحيفة عكاظ