كاتب سعودي
ماذا لو قرأنا ما قبل الانتحار، في الوقت الذي يبني الانتحاري فكرة الجهاد، والانتحار، المرحلة ما قبل القرار، ثم القرار، لو استطعنا دراسة هذه المرحلة قبل شروع شاب بالسفر للانتحار في أرض غريبة، ومع أناس غرباء، أقول لو درسنا ما قبل الانتحار ودوافعه الأولية السلوكية، وهو أمر سهل التتبع في تفكير هؤلاء الشباب، هو سهل التتبع لأن تفكيرهم مثل تفكير أي محدود في الثقافة العامة، والدينية لا يتميز بالتعقيد.
أنا هنا أنطلق من حقيقة أنه لن يذهب شاب للموت في المجهول، وفي بلد مجهول، لأنه ببساطة كان يحلم ببنت من الحور العين، فهناك ما هو أبعد من الحلم بفتاة، وما هو أعمق ليتشكل هدف في عقل هذا الشاب بأهم أبعاده النفعية، فيصير الانتحار له منفعة، ومن هنا فحتى فكرة الذهاب للموت للخلاص لا تكفي لتجعل هذا الشاب يفكر أنه في ذهابه لهذه الحرب الإرهابية سيموت، لكن الشهادة شعار يعلن لا ليتحقق، ولعلنا نجده في سلوك الانتحار عند بعض الكائنات مثل انتحار الحيتان، وهي أقوى، وأكبر كائنات البحر، فهذا الانتحار للحيوانات غالبا يتم بشكل قدوم جماعي لا نستطيع أن نصفه بالانتحار؛ لكنه سلوك توجهه ظروف طبيعية لا فردية كما عند الانتحاري المغرر به.
القول بتغير فكري يقود الشاب للانتحار لا خلاف عليه، لكن قبل هذه القناعة الفكرية المتكررة لا بد أن نعرف ما قبل الانتحار، فيكون العمل الانتحاري هو السلوك الوحيد أمام الشاب، إنه مثل إنسان انغلق عليه المكان لزمن طويل فيجد بابا في سجنه لإثبات الذات، ويكون الخروج هو الحل الوحيد المتاح للخلاص، ودون فهم كامل لمعنى الموت وأنه لا رجعة منه، وحتى هذه التسجيلات التي تسبق العملية الانتحارية تبدو أنها تتم تحت حالة يكون فيها المنتحر في شبه غياب عن الواقع، أو تحت مخدر، فهذه الأفلام المسجلة تحس فيها هوس المتحدث الذاهب للجحيم.
وفي باب الانتحار شئنا أم أبينا الاقتصاد هو محرك الحياة، وما بقي هو إدارة للموارد وسياسات اجتماعية تأتي ثانيا لتحرك الاقتصاد، أو تعوقه.
قرار الانتحار في حياة الإرهابي قناعة تسبقها ظروف أدت إليها، ودراسات جيدة لما قبل الانتحار الإرهابي سيقودنا لفهم محدد.
المصدر: الاقتصادية
http://www.aleqt.com/2014/08/22/article_879072.html