ما نحن؟

آراء

يبدو أننا نميل كبشر، وبدرجات متفاوتة، إلى إلقاء كثير من اللوم على ذواتنا تجاه أشياء وأحداث بعيدة عن واقع تأثيرنا الفعلي.. وربما يحمل هذا في طياته شيئاً من الشعور الخفي بالرفعة والعظمة.

اعتدت منذ حداثة نشأتي على الاهتمام بالبيئة، والتعاطي مع الموجودات كثروات ناضبة، فأقتصد في الماء والضياء والكهرباء بقدر المستطاع، وأعيد تدوير الأشياء بشكل تلقائي.. زاد هذا التوجه مع ثورة الحديث عن الاحتباس الحراري، وثقوب الأوزون، ومشاهد الدببة القطبية المسكينة والثلج يذوب من تحت أقدامها.. أطفئ الضوء وأفكر بها، وأعتذر لها وأنا أفرط في القراءة الليلية بلا حول مني ولا قوة.

منذ أيام شاهدت في قبة معرض علمي مهيب فيلمًا وثائقيًا عن التغير المناخي الذي واجه الأرض في حقب تاريخية متعددة، وما رافقه من انقراضات عظمى أو موت كبير أودى بحياة العديد من أشكال الحياة البرية والبحرية على سطح هذا الكوكب، ومنها الديناصورات بكافة أنواعها.

ناهيك عن كل التحولات الهائلة في جغرافيا الأرض ذاتها، كتل بأكملها انشقت وانزلقت مبتعدة بعضها عن بعض، لتشكل القارات التي نعرفها اليوم، محيطات شاسعة، وبحيرات، وأنهار، خطت طريقها بينها، جبال شاهقة ارتفعت، وأخرى تلاشت مع الزمن… تحولات عظيمة لم يكن للإنسان فيها من يد، ومع ذلك رسمت بزلازلها وبراكينها ملامح الكوكب الذي نسكنه اليوم.

تساءلت حينها: ما نحن يا الله؟! وما أثرنا؟! هل كانت كهرباؤنا ومصابيحنا وبذخنا البائس، وإسرافنا القنوط ، موجودة آنذاك؟

لسنا في الواقع سوى غبار ذري لا يكاد يبين، طرفة عين في مقلة هذا الكون الشاسع، نعتد بأنفسنا وذواتنا لحاجة في دواخلنا أكثر من واقع وجود مثل هذه السطوة.

لا أريد أن أقلل من شأن أدوارنا وأثر الترشيد في الحفاظ على الموارد والبيئة.. لكن العصور الجليدية والذوبان، وكل أشكال التغيير الهائل، تحدث بنا ومن غيرنا، فلنرفق بأنفسنا إذن، ولو قليلاً!