كاتب لبناني
النص المطول الذي نُشر في مجلة «أتلانتك مانثلي» تحت عنوان «مبدأ أوباما» يحتاج إلى دراسات ومناقشات كثيرة لأنه يضيء على نفسية وسلوك رجل يرأس الولايات المتحدة منذ عقد تقريبًا. سوف أكتفي في هذه المساحة ببضع ملاحظات: الأولى، أن رئيسًا لأميركا مقتنع في ذاته بأن في الإمكان القول، «وداعًا للشرق الأوسط» لأن هذه منطقة مشاكل معقدة، ولا بد من استبدال آسيا بها، بلاد المستقبل والفرص المليئة بالوعود.
ويجدر بالذكر أن هذه كانت قناعات أوباما منذ البداية. لا جديد إلا في التوسع بالشرح. والملاحظة الثانية، أن هذا أول رئيس أميركي يستخدم عبارة مبتذلة مرتين رغم توافر البدائل اللغوية: فالحرب الليبية ليست «هراء» بل ما يشبه ذلك صوتيًا ولا يجوز نشره. وفي مرة ثانية يلجأ إلى الكلمة نفسها بدل المتوافر القابل للنشر.
المحامي السابق، وأستاذ القانون، وعضو مجلس الشيوخ، وعضو حركة الحقوق المدنية، ورئيس أميركا يقول بالحرف، إن على السعودية وإيران أن «تتقاسما» المنطقة. لم أقرأ مصطلحًا استعماريًا إمبرياليًا فجًا من هذا النوع حتى في حملة دونالد ترامب.
هذه المنطقة المعقدة التي ورثها أوباما عن أجداده، يوزعها مناصفة بين السعودية وإيران، ويذهب مرتاح الضمير إلى التقاعد حيث ينصرف إلى وضع الكتب المدرَّة لثروة العائلة. الحقيقة أن الرجل لم يفعل شيئا آخر خارج الصياغات الأدبية التي يهواها. رحلة طويلة إلى البيت الأبيض، وصور للعائلة، وشكرًا له تواضعه، فلم ينسَ حال أعمامه وعماته في كينيا.
«مبدأ أوباما» ليس دفاعًا عما حقق، بل عما لم يفعل. وإذا كان السذَّج يعتقدون أن فلاديمير بوتين خصم للسياسة الأميركية، فهم على خطأ، لأنه في الحقيقة «ندّ» لها، إلى آخر الأوصاف، أو إلى كاملها، على ما غنى عبد الحليم حافظ: «كامل الأوصاف فتني – وفي هواه رحت أغني».
نشر أوباما «مبدأه» في نهاية الولاية عكس من سبقوه. وهو مجرد تبرير سطحي لعهد من المآزق والتردد والكوارث الإنسانية في كل مكان. رجل جاء مثل حلم ويذهب مثل فشل.
المصدر: صحيفة الشرق الأوسط