كاتب وإعلامي سعودي
بعد أشهر من تنقل معرض مترو الرياض في عدد من الجامعات في مدينة الرياض، أطلق أمير منطقة الرياض ونائبه البداية الفعلية لهذا المشروع الذي طال انتظاره، وقد طالب أمير «الرياض» مراراً وتكراراً ساكني العاصمة بتحمل ما سيترتب على هذه المشروع من تبعات، ولاسيما الزحام المروري الذي ستشهده العاصمة جراء تنفيذ هذا المشروع العملاق، ونحن سكان العاصمة في الأصل نعيش حالاً مرورية صعبة ولن تفرق كثيراً معنا زيادة في وضع الحال المرورية، ولاسيما أن هذا المشروع الضخم أملنا في حل أزمة المرور في مدينة الرياض.
لقد طال وتأخر تنفيذ هذا المشروع، ولكن المهم أنه بُدئ في تنفيذه، وبحسب ما هو معلن فإن مدة تنفيذه 48 شهراً، أي أربعة أعوام. ومن المفترض أن يتم الانتهاء من تنفيذه في بداية عام 2018، وهذه فترة ليست طويلة، ونحن نعلن استعدادنا للتحمل والصبر في الفترة المقبلة، ولاسيما أن وضع الحركة المرورية ليست جيدة أساساً، والمسألة هي زيادة معاناة ليس إلا، ولكن التحدي الكبير والخوف الذي بتداوله سكان الرياض هو: هل يتم تنفيذه في الفترة التي أُعلنت؟ وهذا هو المحك الحقيقي، لأننا قرأنا كثيراً عن المشاريع الحكومية المتعثرة، التي رصدت لها بلايين الريالات. وهذا الطرح ليس تشاؤماً أو عدم ثقة في ما ذكره أمير «الرياض» ونائبه تجاه إنجاز هذا المشروع العملاق الذي سيغير وجه مدينة الرياض وتاريخها، ولكن نحن نشاهد بعض مشاريع المدينة كالجسور والأنفاق، التي يجري تنفيذها الآن ويستغرق الانتهاء منها أعواماً.. فكيف بحال مشروع النقل العام بشقيه المترو وحافلات النقل العام؟ نأمل ألا يكون كمشاريع السكك الحديد التي يجري تنفيذها الآن ونسمع ونقرأ عنها ويبشرنا المسؤولون عنها أنها ستربط مدن بلادنا، ولكننا لم نر شيئاً على أرض الواقع.
وأتذكر خبراً قرأته العام الماضي في الصحف المحلية أن سكان الرياض وبعد 40 يوماً سيرون الخط الحديدي بين منطقتي القصيم والرياض، ولكن مرت أيام وأشهر ولم نشاهد إطلالة تلك السكك الحديد.
الجهات العليا لم تقصِّر في رصد المبالغ المالية لمشاريع النقل العام في مدننا الرئيسة كجدة والمدينة والرياض والمنطقة الشرقية، إضافة إلى مشروع السكك الحديد بين شرق المملكة وغربها وشمالها، ولكن علي أرض الواقع وحتى الآن لم نرَ أي تقدم في التنفيذ لهذه المشاريع الجبارة، التي إن نُفذت كما في الدول المتقدمة أو حتى المجاورة ستغير ملامح بلادنا في شكل إيجابي، اقتصادياً من حيث حركة نقل البضائع داخل المملكة أو إلى الدول المجاورة، وستوجد مزايا تنافسية للاقتصاد الوطني. وصناعة النقل العام من أهم الصناعات في الدول المتقدمة.
أما من الناحية الاجتماعية فستخلق نوعاً من الترابط بين مناطق بلادنا المترامية الأطراف، وتقلل من الحوادث المرورية التي تحصد الآلاف من الأرواح في كل عام، وهذا هدف – بحد ذاته – يجعلنا نستبشر، ونأمل أن تنجز مشاريع السكك الحديد والنقل العام في مدننا الرئيسة بمستوى عالٍ من الجودة، كما في بعض الدول المجاورة التي ليست لديها قوة ومداخيل اقتصادية مثل بلادنا.
صور أمير «الرياض» ونائبه الأسبوع الماضي – وهما يبدآن انطلاقة مشروع النقل العام بالرياض – تعكس التحدي الحقيقي لهذا المشروع الجبار، ونأمل أن يكون الموعد والتنفيذ كما وُعِدنا به.
أما من ناحية تحمل سكان العاصمة وصبرهم على ما سيحدثه المشروع من تبعات فنحن لا خيار لدينا إلا الصبر، والأمل أن يكون هذا هو الحل لما تعانيه مدينة الرياض من أزمة مرورية مستمرة منذ أعوام.
أما مسألة ثقافة النقل العام لدينا التي يرى بعضنا أنها متدنية وفشلت في مشروع النقل الجماعي فأعتقد بأنه لا وجه للمقارنة، فالرياض الآن يسكنها أكثر من خمسة ملايين نسمة بعكس حال ووقت تنفيذ مشروع النقل الجماعي، فإذا نُفِّذ هذا المشروع بالشكل المأمول به وكان باستطاعة موظفي الحكومة والقطاع الخاص مثلاً أن يصلوا إلى مقار عملهم وهُيِّئت المحطات لذلك فإن معظمنا لن يضطر إلى استخدام سيارته ليذهب إلى مقر عمله، وهو ما سيخفف من الحركة المرورية ويقلل من استهلاك الطاقة ومستوى التلوث في عاصمتنا.
المصدر: الحياة