رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
هناك أسباب أدت إلى انتشار وانفجار ظاهرة التغريدات المسيئة، والمملوءة بالسبّ والقذف والتشهير والتحقير، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، وهي دون شك تعتبر ظاهرة مقلقة.
ولعل أبرز أسباب انتشار هذه الظاهرة، عزوف كثير من المتضررين عن اللجوء إلى القضاء لردّ اعتبارهم، وذلك لانشغالهم أحياناً، وترفعهم أحياناً، بل واليأس أحياناً أخرى من هذا الجو السلبي المسيء، على اعتبار أنه أصبح بيئة سيئة لا يمكن إصلاحها، إضافة إلى طول الفترة المحتملة لردّ الاعتبار ومعاقبة المسيء، بدءاً من فتح البلاغ إلى صدور الأحكام، ما يتيح للمسيئين مضاعفة تهجمهم عن طريق حسابات كثيرة معظمها وهمية، بهدف تشتيت القضية، وتضخيم الأعداد، بشكل يُصعّب مهمة تعقبهم!
عزوف هؤلاء المتضررين عن اللجوء إلى القضاء، هو سبب مباشر في تمادي عدد من المغردين في إساءاتهم وتطاولهم اليومي، خصوصاً أولئك الذين يتخفون تحت أسماء مستعارة، وحسابات وهمية، ويعتقدون أنهم بعيدون عن المساءلة القانونية، لذلك لابد من تشجيع المتضررين على فتح بلاغات ضد كل مسيء على مواقع التواصل، لأن هذا هو السبيل الوحيد لتنقية وتطهير هذه البيئة السيئة، التي أصبحت مرادفاً وانعكاساً لموقع التواصل الاجتماعي «تويتر» تحديداً!
وحتى نشجع المتضررين على اللجوء إلى القضاء، لابد من تسهيل عملية التقاضي في مثل هذه الجرائم، بمعنى تسهيل الإجراءات، وتقليص مدتها، وسرعة البت فيها، خصوصاً أن جرائم السبّ والتشهير والتحقير عادة ما تكون واضحة، ولا تحتاج إلى مرافعات وجلسات مطولة، ودليل الإدانة فيها واحد وواضح، ويكفي تصوير الشاشة، والتأكد من صحة الحساب، وتالياً فنحن لا نحتاج إلى وقت طويل من أجل تجميع الأدلة، أو التحقيقات المطولة، هي جرائم بسيطة في أدواتها، لكنها عميقة في أثريها النفسي والاجتماعي!
في سبتمبر من عام 2018، اعتمد مجلس الوزراء برئاسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، إطلاق «محكمة اليوم الواحد»، بهدف تقديم أسرع الخدمات القضائية، وللتسهيل على أفراد المجتمع، حيث تسهم هذه المحكمة في سرعة الفصل في القضايا المدنية، بحيث تصل إلى 15 يوماً، منذ قيد الدعوى ورفعها حتى الفصل فيها.
وأعتقد أن هذا ما نحتاج إليه تحديداً لقضايا التواصل الاجتماعي، محكمة اليوم الواحد، تدقق في البلاغ، وتستعرض التغريدات، ويقدّر القاضي حجم الإساءة في حالة وجودها، أو يبرّئ المتهم في حالة عدم اقتناعه بما هو منشور، بذلك سيتشجع كثير من المتضررين على اللجوء إلى القضاء، وستكبح جماح أولئك المسيئين الذين ملأوا «تويتر» إساءات، وتشهيراً، وتجريحاً، ولم يسلم منهم أحد!
وليعلم الجميع أن جرائم السبّ، باستخدام الشبكة المعلوماتية، أو وسائل تقنية المعلومات، جاءت مشدّدة وفقاً لقانون الإمارات، حيث تصدت لها الفقرة الأولى من المادة (20) من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات، حينما نصّت على معاقبة كل من سبّ الغير، بالحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم، ولا تجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين!
المصدر: الامارات اليوم