شهد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في مجلسه الرمضاني، مساء أمس، ثاني محاضرات الشهر الكريم بعنوان«أسباب الامل» للدكتورة جين غودول مؤسسة شبكة جذور وبراعم «روتس آند شوتس» ومعهد آخر يحمل اسمها متخصص في أبحاث البيئة، ومبعوثة سلام لدى منظمة الأمم المتحدة عام 2002م. وأشادت الدكتورة غودول بمبادرات وجهود الإمارات في حماية البئية، مؤكدة أن المحميات الطبيعية بأبوظبي تشير إلى حجم إصرار قيادة الإمارات على المحافظة على براءة الطبيعة. وقالت أن مشاريع توليد الطاقة البديلة بالعاصمة الإماراتية تضع الإمارات في صدارة الدول المصدرة للأمل بالعالم. حضر المحاضرة سمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس دائرة النقل رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وعدد من الشيوخ والوزراء وأعضاء المجلس الوطني الاتحادي وكبار المسؤولين وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة، وقدمت المحاضرة رزان خليفة المبارك الأمين العام لهيئة البيئة في أبوظبي.
مشاهدات في أبوظبي
أبدت الدكتورة غودول انبهارها من التفاصيل الدقيقة التي لامستها في زياراتها المتكررة للإمارات، مشيراً إلى أن المشاهدات التي رصدتها في أبوظبي تدعو إلى رفع مستويات الأمل في المستقبل، مشيرة إلى أن توظيف العقل البشري الذي تعكسه المبادرات الرائدة للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله في إنقاذ المها العربي من الانقراض،إضافة لجهود صندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، والمشاريع البيئية المتميزة لهيئة البيئة في أبوظبي تعيد الأمل في مستقبل أكثر أملاً.
وأضافت أن مشاريع توليد الطاقة البديلة من الرياح والشمس، تضع أبوظبي على صدارة الدول المصدرة للأمل على مستوى العالم، مشيرة إلى أن المحميات الطبيعية المنتشرة في العاصمة الإماراتية أبوظبي تشير إلى حجم الإصرار الذي تمتلكه قيادة الإمارات في المحافظة على براءة الطبيعة، وقالت : محميات كالوثبة، وصير بني ياس، ومحميات القرم تجعلنا نثق بأن الأمل ما زال قائماً في التصدي لما وصفته بـ «الهجوم البشري الجشع» على الموارد الطبيعية والبيئات الخصبة.
وأبدت غودول ثقتها في قدرة الشباب حول العالم في إحداث التغيير الإيجابي، على الرغم من الابتعاد الملحوظ للشباب عن الطبيعة بحكم تنامي حضور العوالم الافتراضية، وقالت: ينبغي علينا إعادة الشباب إلى أحضان الطبيعة أولاً لندفعهم إلى تبني قضاياها وهمومها.
العلاج بالأمل
وقالت بدون الأمل لن نصمد كبشر، مشيرة إلى أن حجم التحديات التي أوقع البشر فيها أنفسهم لا يمكن أن يواجه إلا بالأمل، مؤكدة أن فقدان الأمل يزيد من الإحباط والغضب، ما يعمل على قتل الحماس البشري، وقالت : لا بد من الاهتمام بالمبادرات والأفكار الرائدة ودعمها كي نتجاوز كل الإحباط الذي جلبناه لأنفسنا. وأكدت غودول أن على الجميع الالتفات والتمعن إلى أولئك البسطاء الذين يقومون بأعمال إعجازية كبيرة على مستوى العالم كي يتمكنوا من تجاوز الإحباط والشعور بالعجز.
وأوضحت غودول ضرورة توظيف العقل البشري في ابتكار طرق تسمح بالعيش في عالم مسالم وبروح إنسانية لا تقهرها تلك الصعوبات التي تواجه العالم اليوم، مؤكدة رفضها لحصر إنتاج العقل البشري في تكنولوجيا وتطبيقات جامدة.
تحديات التمويل
أكد الدكتورة غودول أن أكبر التحديات التي تواجه جهود إعادة الأمل للمشاريع ذات الأبعاد الإنسانية تكمن في القدرة على توفير مصادر دعم مالي يساهم في توظيف الأفكار والابتكارات والجهود المبتكرة وتحويلها إلى مشاريع قائمة، مشيرة إلى أن أحد أهم مشاريعها في تنزانيا واجه خطورة الإلغاء والتوقف بسبب ضعف الجانب التمويلي.
ودعت غودول كل المهتمين بالعمل في المجالات البيئية والمشاريع المتفردة على صعيد العالم إلى الإيمان بحجم الدور الذي تقدمه تلك المشاريع للإنسانية ، مؤكدة أن ذلك سيضمن إيجاد دعم مالي ومعنوي حتى وإن واجهة تلك المشاريع أزمات وصعوبات مؤقتة.
أسباب الأمل
وتحدثت الدكتورة غودول عن أسباب الأمل، مشيرة إلى أن قصة طفولتها الأولى وتأثير والدتها إضافة لانتقالها إلى تنزانيا شكلت مجتمعة مراحل تغيير جذري في حياتها، وقالت : نشأت في بريطانيا في كنف أسرة أولتني الكثير من الرعاية، ثم ذهبت إلى كينيا حيث التقت عالم الحفريات القديمة والمختص في علم الإنسان الدكتور لويس ليكي، وهو اللقاء الذي أتاح لها فرصة دراسة قرود الشمبانزي البرية في محمية غومبي في غربي تنزانيا. كما سلطت الدكتورة غودول الضوء على السنين الأولى لها في محمية غومبي، والبحوث المتواصلة هناك منذ 55 عاماً، وأوجه الشبه الكثيرة بين قرود الشمبانزي وبين البشر، موضحة أن الهيكلية الأسرية لهذه القرود، وطرق تواصلها، وأوضاعها الجسمانية وحركاتها، وإيماءاتها، تعد الأكثر قرباً لبني الإنسان. ولدى وصول الدكتورة غودول إلى جامعة كامبريدج بعد عامين، قالوا لها إن كل بحوثها مغلوطة وإن إعطاء قرود الشمبانزي أرقاماً بدلاً من الأسماء أدق من الناحية العلمية. وناقشت غودول في محاضرتها التغيرات التي طرأت على العلم بمرور السنين وتنامي دور علم المحميات (التنوع الأحيائي) في العمل مع المجتمعات المحلية من أجل إعادة إحياء الغابات وبالتالي تحقيق المنفعة للحياة البرية وللبشر على حد سواء.
وسردت ظروف مغادرتها محمية غومبي والغابات التي أحبتها حباً جماً، ثم تفاصيل رحلاتها إلى أجزاء كثيرة من العالم في السنوات الأخيرة ولا تزال تدفعها للسفر 300 يوم في كل عام.
برنامج «جذور وبراعم»
قالت الدكتورة جين غودول أن «روتس آند شوتس» (جذور وبراعم) هو برنامج بيئي وإنساني عالمي يحقق التواصل بين مئات الآلاف من الشباب في أكثر من 130 دولة حول العالم. ويشهد البرنامج نمواً في أبوظبي، حيث يتمّ تمكين الشباب من مختلف الأعمار من أجل اختيار ثلاثة مشاريع تساعد مجتمعاتهم المحلية، وحيواناتهم، وبيئتهم التي يشترك الجميع في ملكيتها.
مسيرة حافلة
بدأت جين غودول دراستها الرائدة حول سلوك الشمبانزي في (حديقة غومبي ستريم الوطنية) عام 1960، حيث شكلت هذه الدراسة فيما بعد الأساس الذي قامت عليها البحوث حول الحيوانات الراقية وأعادت رسم العلاقة بين البشر والحيوانات. وأسست (معهد جين غودول) عام 1977م. ثم أسست شبكة «روتس آند شوتس» (جذور وبراعم) عام 1991م
وتم تعيينها رسولة سلام لدى منظمة الأمم المتحدة عام 2002م.
وحاصلة على وسام الشرف الفرنسي، ووسام تنزانيا، وجائزة كيوتو اليابانية المتميزة.
و مُنحت لقب سيدة الإمبراطورية البريطانية سنة 2003م.
المصدر: يعقوب علي – أبوظبي – الاتحاد