«محور موراج» .. تاريخ معاناة غزة يعيد نفسه

أخبار

محمد الرنتيسي: تبدو الأيام الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون طافحة؛ وتتدفق خارج حدود صبرهم وتحملهم، بينما نصيبهم من الهدوء والاستقرار شحيح ونادر، تحجبه سنوات عدة من الصراعات والحروب التي غيرت مجرى الحياة ونمط المعيشة.

وإن كان العام 2005 ذهب بعيداً، حاملاً معه مستوطنة موراج التي كانت تتبع لمجمع غوش قطيف الاستيطاني، ضمن خطة انسحاب الجيش الإسرائيلي أحادية الجانب، التي نفذها رئيس وزراء إسرائيل آنذاك، آرئيل شارون، بحسبان تكلفة الاستيطان في قطاع غزة باهظة الثمن وعديمة الجدوى كما كان يقول، فإن موراج تعود اليوم إلى الواجهة في حرب غزة، كمحور «فيلادلفيا 2» ومن شأنه تقطيع أوصال غزة، والفصل بين رفح وخان يونس.

كانت مستوطنة موراج أقيمت عام 1972 كموقع عسكري قضم أجزاء كبيرة من أراضي الفلسطينيين جنوب غرب قطاع غزة، وهدفه مراقبة تحركات أهالي غزة، لكن سرعان ما تحولت إلى منطقة زراعية قامت على استغلال مياه الفلسطينيين وخصوبة أراضيهم في تلك المنطقة، وتوسعت لاحقاً، حتى باتت اليوم محوراً بطول 12 كيلومتراً يمتد من بحر غزة غرباً حتى شارع صلاح الدين شرقاً، ويصل إلى الحدود الفاصلة بين رفح وإسرائيل المعروفة بمعبر صوفا، بين رفح وخان يونس.

ومن شأن محور موراج، الذي لا يبعد سوى 5 كيلومترات شمالاً عن محور فيلادلفيا على الحدود المصرية، والذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية منذ مايو الماضي، وترفض الانسحاب منه، أن يفرض واقعاً صعباً جديداً جنوباً، إذ تسبب بعزل رفح أقصى جنوب قطاع غزة عن عمقها الشمالي، وفصل بينها وخان يونس، ويعاني المواطنون فيها ظروفاً صعبة، بعد العملية العسكرية البرية التي بدأها الجيش الإسرائيلي مؤخراً.

كما للمحور الجديد ارتدادات كارثية على الوضع الاقتصادي المتردي أصلاً، فهو يقضم مساحات واسعة من أراضي رفح الزراعية، والتي تعد واحدة من أهم سلال قطاع غزة الغذائية، وسبق أن لعبت دوراً محورياً في التخفيف من وطأة المجاعة الأولى التي ضربت القطاع في خضم الحرب.

ويرجح مواطنون، أن يؤدي محور موراج إلى إنهاء العمل الزراعي في المنطقة بين رفح وخان يونس باعتبارها عازلة، الأمر الذي سيرفع وتيرة المجاعة ويعجل استفحالها في رفح، على ضوء الحصار المحكم واستمرار إغلاق المعابر.

تهديد وجودي

«لم يبق أحد في رفح، والمدينة مهددة بالاختفاء عن الوجود، بعد أن تم ترحيل سكانها بالقوة وتحت القصف المكثف»، هكذا وصف هاشم أبو حسنين، تداعيات محور موراج على رفح، منوهاً إلى اختفاء معالم المدينة التي كان يقطنها نحو 300 ألف مواطن، بحيث لا يرى منها سوى الركام.

وأضاف لـ«البيان»: «بعد إقامة محور موراج، تم عزل مدينة رفح، وغالبية سكانها نزحوا إلى خان يونس، ويعيشون الآن في الشوارع ودون مأوى، والجيش الإسرائيلي يقوم بتفجير المنازل ونسفها بالكامل، كي يجعل العودة إليها مستحيلة، وهناك دمار هائل وتجريف للأراضي الزراعية في المنطقة التي يسمونها عازلة»، في إشارة إلى المنطقة بين رفح وخان يونس.

وفي مايو الماضي، ووسط ضجيج الحرب، كانت إسرائيل تتأهب للهجوم على رفح، باعتبارها آخر معاقل الفلسطينيين حينها، وظلت الأجواء عائمة في بحر من التكهنات بشأن المدينة، حتى جرى اجتياحها وتشريد أهلها، واليوم تشهد رفح موجة عنيفة من الغارات، يراها النازحون أكثر فتكاً، ليبقى الخوف من القادم يستحوذ على تفكير الجميع.

المصدر: البيان