كاتب وصحفي سعودي
واجه شيجيتاكا كوريتا عام 1998 صعوبة بالغة في إيصال مشاعره إلى أبناء جلدته اليابانيين عندما يبعث لهم برسالة إلكترونية. يضطر في أحيان كثيرة أن يهاتف زميله حتى يوضح له أنه غاضب أو سعيد. فالكلمات القصيرة المحدودة في الإيميل، وقتئذ لم تشفع له بضخ انفعالاته في الرسالة. تصل ببرود شديد يصقع متلقيها.
كانت طبيعة عمل كوريتا تتطلب أن يرسل إيميلات عديدة على مدار الساعة. إيميلات إلى زملاء وغير زملاء. تشتمل هذه الرسائل على مضمون حساس. شعر بالحرج لأنه يتبع كل رسالة باتصال. أحس أن الإيميل لم يساعده على تسهيل مهامه؛ بل عقدها.
فكر في ابتكار وجوه تعبيرية بسيطة تكون مرافقة للكلمات التي يكتبها لتمنح الرسائل المشاعر المفقودة. برمج أكثر من صورة تعبيرية على الشبكة الداخلية في الشركة التي يعمل فيها لعلها تساعده على تأدية وظيفته على نحو أفضل. وسمّاها (إيموجي) وتعني الوجوه التعبيرية باللغة اليابانية. بعد مضي شهور قليلة أصبح كثير من زملائه يستخدمون هذه الوجوه التعبيرية البسيطة الباسمة أكثر منه. بعد مدة قصيرة طلبتها مؤسسات يابانية منه بعد أن فاحت رائحتها في الجوار.
وفوجئ كوريتا عندما زار أمريكا لاحقا بالاستخدام الواسع للوجوه البسيطة التي ابتكرها بين الأمريكيين.
والطريف أن كوريتا الشخص الذي أسس هذه الوجوه أكثر شخص يهوى العزلة والغياب ولا يحب أن يشاهد وجهه الكثير. يختفي خلف أجهزته. يكرر دائما على الصحافيين الذين يخطبون وده جملة واحدة لا تتغير: “لو أعرف أن أتكلم جيدا لما صنعت هذه الوجوه. لقد ساعدوني في التعبير. إنهم يتحدثون أفضل مني”.
واليوم يستخدم وجوه (الإيموجي) المليارات على وجه البسيطة في كل بقاع الأرض من المحيط إلى المحيط صغارا وكبارا؛ أصبحت الإيموجي لغة جديدة ومشتركة اتفق عليها الجميع في زمن “اللا اتفاق”؛ أمست الشيء الوحيد الذي نفهمه ونجيده دون حاجة إلى أن نتعلمه وندرسه وندخل اختبارا من أجله.
إنه دليل على أن الأفكار كلما كانت بسيطة وسهلة أحبها الناس واستعملوها، وكلما كانت معقدة وصعبة نفر الناس منها ورفضوها.
المصدر: الإقتصادية
http://www.aleqt.com/2015/05/03/article_954586.html