«مدينة اليقظة الذهنية»

آراء

من بين عشرات الجلسات والحوارات والنقاشات التي حفلت بها أجندة القمة العالمية للحكومات 2025، واختتمت مؤخراً في دبي، توقفت أمام مصطلح جديد ورد في كلمة تشيرينغ توبجاي، رئيس وزراء مملكة بوتان، خلال مناقشة محور الصحة ضمن فعاليات القمة، وهو مصطلح «مدينة اليقظة الذهنية».

في تلك الكلمة، ركز الرجل على مستقبل الصحة العالمية «من منظور شامل يتجاوز العلاجات الطبية التقليدية»، وأشار إلى ما سماه مفهوم «السعادة الوطنية الإجمالية» كإطار تنموي يضع رفاهية الإنسان في صميم السياسات، متسائلًا حول «قيمة الحياة الطويلة إذا كانت تفتقر إلى السعادة والراحة النفسية؟».

وتحدث عن ذلك المصطلح «مدينة اليقظة الذهنية» كنموذج مستقبلي يعزز الصحة والعافية في بيئة مستدامة.

كثيرون لا يعرفون عن تلك البلاد الصغيرة سوى أنها منغلقة ذات طبيعة جبلية تغطيها الثلوج معظم العام، إذ لا تزيد مساحتها على 38.394 كيلومتراً مربعاً فقط، وتقع على الحدود مع الصين والهند، وتحيط بها قمم لا حصر لها يزيد ارتفاعها على 5000 متر.

تلك الطبيعة جعلت من التأمل فلسفة حياة للغالبية العظمى من سكانها، وجعلت منهم أحد أكثر الشعوب حفاظاً على الأصالة والثقافة والتقاليد المحلية. ليس ذلك فحسب، بل أيضاً واحدة من أسعد البلدان في العالم، التي ترحب بالسياح حيث تنقلهم في تجربة مختلفة واستثنائية بين المنحدرات الخضراء خلال الربيع والأجواء التأملية الصافية.

صنف شعب هذا البلد الجبلي الصغير من أكثر الشعوب سعادة في العالم، ووفقاً لمؤشر السعادة العالمي، فإن أهالي بوتان ينقسمون بين سعداء للغاية بنسبة 8%، وسعداء بنسبة 42%، وسعداء إلى حد ما بنسبة 50%. ويقال، إن سر سعادة هذا الشعب يكمن في حبه للتأمل، حتى أصبح جزءاً من ممارساته اليومية في الحياة.

وقد ارتبط اسم البلاد بالأساطير حتى إن بعضهم يطلق عليها «أرض تنين الرعد»، بسبب الاعتقاد الشعبي بأن صوت الرعد في جبالها ووديانها هو صوت التنين.

كانت تلك الجلسة وما قاد إليها من انفتاح الحضور للتعمق أكثر في ثقافة هذا البلد من ثمار القمة العالمية للحكومات التي جعلت منها الإمارات جسراً للتواصل بين الشعوب والثقافات قبل أن تكون منصةً عالمية لتبادل الرؤى حول أعقد التحديات التي تواجه الدول والمجتمعات، وفي مقدمتها تبادل المصالح الاقتصادية المتشابكة وتداعيات التغير المناخي وغيرها.

كما كانت القمة وجلساتها المعنية بمحور الصحة فرصة أيضاً أتاحت للحضور والمتابعين التعرف على جهود ومبادرات دولة الإمارات لتحقيق جودة الحياة لمواطنيها، وقد تصدرت بها المؤشرات الدولية للسعادة وفق المعايير المحددة.

المصدر: الاتحاد