رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
وضعية الميت، هي تلك التي تمر على مسؤولي الاتحادات الرياضية حالياً، بعد الإخفاق الجديد في مشاركتهم في أولمبياد طوكيو، مرّ الأمر مرور الكرام، لا تصريحات، ولا أعذار، ولا توضيح لأسباب الإخفاق، وتالياً، لا يوجد من سيتحمّل المسؤولية، ولن يوجد من يعترف بالفشل، فيقدم استقالته ويترك المجال لغيره!
أسباب الفشل واضحة للجميع، لا تحتاج إلى دراسات متعمقة، ولا تحليلات مكثفة، ولا تحتاج إلى خبراء أجانب ليخبرونا عنها، فهي بالنسبة لنا وللمجتمع الرياضي واضحة وضوح الشمس، وتشمل المنظومة الرياضية بأكملها، بدءاً من اللاعبين والإداريين، إلى الأندية ثم الاتحادات الرياضية، وقبل ذلك كله الخلل الذي حصل في الرياضة المدرسية، فهو أبرز نقاط الضعف التي تمنع ظهور نجم وبطل أولمبي، وابحثوا في جميع أنحاء العالم، لن تجدوا بطلاً ظهر فجأة في مرحلة عمرية متأخرة، جميعهم بدأوا من المراحل السنية المبكرة جداً ومن المدارس!
في السابق كنا نملك أفكاراً جميلة، لكن الإمكانات المالية كانت أبرز عوائق تقدم الرياضة، أمّا اليوم ورغم توافر الإمكانات المالية، والمنشآت الرياضية، إلا أن الأفكار المبدعة التي تسهم في صناعة الأبطال الأولمبيين، أصابها العُقم، فنحن حقاً نفتقد الكفاءات الإدارية المبدعة التي تستطيع قيادة الاتحادات الرياضية لصناعة نجوم على مستوى عالمي، نفاخر بهم، ونرفع أعناقنا معهم، وهم يرفعون علم الدولة، ويتوشحون بالذهب، في محفل رياضي مهم عالمي كالأولمبياد!
أين ذهبت الرياضة المدرسية، التي من خلالها تبدأ الخطوة لظهور أبطال الرياضة؟ لماذا اندثرت إلى غير رجعة؟ أين المنافسات المختلفة بين المدارس في الألعاب الفردية والجماعية؟ وأين بطولات المدارس في الإمارة الواحدة، ثم بطولات المدارس على مستوى الإمارات؟ اختفى كل ذلك، ولم يعد هناك تفريخ للرياضيين، وهم في سن مبكرة قابلة للتشكل والتحول إلى خامة رياضية صالحة للمنافسة إقليمياً ثم عالمياً، وللعلم من دون عودة هذا النشاط الرياضي المدرسي، لن تكون لدينا يوماً ميدالية أولمبية جديدة، لن يحدث ذلك أبداً، إلا بالتجنيس، فهل هو توجه مناسب؟!
بالتأكيد هناك أسباب أخرى، يعرفها الجميع، وهي واضحة للجميع، ومن دون معالجتها لن تتقدم رياضتنا أبداً، لكني مازلت أصرّ على أن البداية الصحيحة يجب أن تبدأ من المدارس، كما أن التركيز على لعبة واحدة غير مجدٍ وغير مفيد، ولن يضيف إلى الإمارات أي إنجاز عالمي أبداً، فهل حان الوقت لأن نعيد تشكيل رياضتنا، ونعيد خلخلتها لنضع أنظمة عمل جديدة، وآليات علمية تلغي كل أخطاء العمل الرياضي الحالية، وتؤسس لمرحلة رياضية جديدة، أم ستستمر الحال على ما هي عليه؟ وسيظل المسؤولون الرياضيون في وضعية الميت لفترة بسيطة، ثم يخرجون مرة أخرى للحديث عن نشاطهم واستعدادهم لخوض بطولة جديدة، دون الإشارة أبداً إلى ما حدث في طوكيو، وكأن ما حدث هو أمر عادي جداً، وغير مؤثر، ولا يستحق التوقف عنده!
المصدر: الامارات اليوم