طالب مستأجرون في دبي والشارقة، بضرورة وضع ضوابط واضحة تحفظ حقوقهم في استرداد قيمة التأمين الإيجاري، من شركات إدارة العقارات، لافتين إلى استقطاع أجزاء من مبلغ التأمين الإيجاري، والمماطلة في إعادته.
وأكدوا أن شركات إدارة العقارات تقتطع مبالغ ثابتة من قيمة التأمين، بصرف النظر عن وجود تلفيات في الوحدات السكنية أم لا، كما يبالغ بعضها في تقييم كلفة تلك التلفيات، ولا يقدم إيصالات للمستأجرين بقيمتها، مع الاصرار على تحصيل قيمة التأمين الإيجاري نقداً.
من جانبهم، أكد عقاريون أن مبلغ التأمين الإيجاري محمي، ويعتبر وديعة، لا يجوز بأي حال قطع أي مبالغ منه تحت مسمى الصيانة، مؤكدين أن المبلغ يرد للمستأجر بعد استيفائه جميع الأوراق التي تبرئ ذمته من قبل الجهات الرسمية.
وأرجعوا هذه الإشكالية التي تحدث بين المستأجر والمالك إلى الصيغ التي تكتب بها العقود، باعتبار أنها تتضمن بنوداً مبهمة غير واضحة لكلا الطرفين. وأضافوا أن ما يستحق على المستأجر من مبلغ التأمين، مشروط بالتغييرات الموجودة على الوحدة السكنية، وهل هي بفعل الإهلاك نتيجة الاستخدام الطبيعي أو بسبب تدخل المستأجر.
استقطاع مبالغ
وتفصيلاً، قالت المستأجرة أميرة عبدالعزيز، إنه تم استقطاع 500 درهم من قيمة التأمين الذي أودعته لدى مدير العقار الذي أخلته، معتبرة ذلك إجراء من دون وجه حق، لا سيما أنها سلمت الوحدة السكنية بصورة جيدة، ولا يوجد فيها تلفيات كبيرة، باستثناء بعض مصابيح الإضاءة التالفة، أو بعض الخدوش البسيطة على الحائط.
من جانبه، قال المستأجر علي سند، إنه تم استقطاع نحو نصف مبلغ التأمين على الرغم من أن حالة الوحدة السكنية كانت جيدة عند تسليمها للمالك.
أما المستأجر باسم أحمد سليمان، فذكر أن شركة إدارة العقارات للوحدة السكنية التي كان يقيم فيها خصمت بعد إبلاغها بقراره مغادرة الشقة، وعزمه عدم تجديد العقد، مبلغ 1000 درهم من الضمان المالي الذي أودعه لدى مدير البناية.
بدوره، أكد المستأجر أحمد النجار، أن مدير العقار خصم مبلغ التأمين كاملاً، مع أنه ترك الوحدة السكنية دون أي تخريب فيها. وأضاف أن مدير العقار تراجع وأعاد له نصف قيمة التأمين عندما أبلغه بعزمه تقديم شكوى رسمية. وقدر النجار كلفة صيانة الوحدة السكنية بـ50 درهماً على أقصى تقدير.
إيصالات مالية
من جهته، قال المستأجر محمود كريم، إن الشركة العقارية التي تدير البناية التي يقيم فيها لم تعطه إيصالاً بقيمة التأمين الإيجاري، ولم توثقه في العقد الايجاري، كما أنها ضمّنت العقد شرطاً يقضي باقتطاع مبلغ ثابت قيمته 250 درهماً من قيمة التأمين عند إخلاء الشقة.
وأضاف أن الشركة وضعت بندين إضافيين يفيد الأول بتحمل المستأجر كلفة أي أضرار، فيما يلزم الثاني المستأجر بإعادة الشقة بحالة جيدة ونظيفة، مؤكداً أن معظم الشركات تصر على الحصول على قيمة التأمين نقداً وليس عبر شيكات، وهو ما يتنافى مع الغرض الأساسي من التأمين، والمحدد بضمان عدم وجود تلفيات.
تقييم الأضرار
واتفق المستأجر معتز أحمد، مع نظرائه المستأجرين، مشيراً إلى أن الشركة العقارية التي تدير البناية التي يقيم فيها تبالغ في تقييم الأضرار وتحديد سعر التلفيات لتخصمها من قيمة التأمين الإيجاري، فضلاً عن المماطلة في سداد ما تبقى من قيمة التأمين.
ورأى أن احتساب مبلغ 20 درهماً، كلفة مصباح إضاءة، مع أن كلفته في السوق خمسة دراهم، مبالغ فيه وغير منطقي، فضلاً عن اقتطاع مبلغ لإعادة دهان الوحدة السكنية، على الرغم من أنه أمضى نحو ثلاثة أعوام لم تجدد فيها الشركة العقارية الدهان. ودعا أحمد إلى ضرورة وضع معايير تحفظ حقوق المستأجرين في معاملات التأمين الإيجاري.
من جانبه، بين المستأجر ليث مصطفى، أن شركة إدارة العقارات فرضت بنداً في عقد الإيجار يفيد باقتطاع مبلغ ثابت من التأمين الإيجاري، بدلاً للصيانة، بصرف النظر عن حالة الشقة، لافتاً إلى أن معظم البنايات التي أقام فيها خلال الأعوام الماضية كانت تماطل في سداد التأمين الإيجاري، وتتحايل بطرق مختلفة للحصول عليه إما كاملاً أو أجزاء كبيرة منه، ما يستدعي وضع ضوابط أكثر وضوحاً للحفاظ على حقوق المستأجرين في استرداد قيمة التأمين.
بند مبهم
إلى ذلك، قال المدير الإداري في «شركة هاربور العقارية»، مهند الوادية، إن هذه القضية تتسبب فيها بنود العقد، إذ يكون البند الخاص بالضمان المالي مبهماً غير واضح المعالم، ويشير إلى أن على المستأجر ترك «العين المؤجرة» كما استلمها، وهي دائماً ما تتسبب في خلاف بين المستأجر والمالك، إذ يستغل بعض الملاك هذه النقطة، ويخصمون جزءاً من الضمان المالي الذي أودعه المستأجر لديهم أو كله.
وأضاف أن عدم تحديد هذه البنود يسبب جوراً على حقوق المستأجرين بشكل كبير، إذ لا يمكن منع إمكانية حدوث تجاوزات من قبل بعض الملاك الذين يسحب بعضهم مجمل قيمة شيك الضمان مقابل بعض الإصلاحات البسيطة في العين المؤجرة، مستندين في ذلك إلى بند في العقد يشير إلى ضرورة قيام المستأجر بتسليم الوحدة السكنية بصورة «جيدة» أو مرضية للمالك.
وشدد الوادية على أن ما يستحق على المستأجر من مبلغ التأمين، مشروط بالتغييرات الموجودة على الوحدة السكنية، وهل هي بفعل الإهلاك نتيجة الاستخدام الطبيعي، أم من خلال تدخل المستأجر فيها بالتغيير مثل كسر باب، أو سيراميك، أو أي أشياء من هذا القبيل، مشيراً إلى أن من أمثلة الإهلاك الطبيعي تغير لون الصبغ للعين المؤجرة، أو وجود حالة تهالك على التوصيلات المتعلقة بالمرافق الأساسية أو أي أعمال صيانة.
كلفة الصيانة
ونبّه الوادية إلى أن المؤجر ليس المدان دائماً، إذ يمكن أن يترك المستأجر الوحدة المؤجرة بشكل يكلف المالك مبالغ تفوق مبلغ التأمين الذي أودعه لديه، وهذا يحدث في المكاتب والمحال التجارية، ومن الممكن أن يكون حجم الخسائر التي تسبب فيها المستأجر تفوق مبلغ 20 ألف درهم، في حين يكون الضمان خاصته لا يزيد على 5000 درهم، وفي هذه الحالة، فإنه يمكن للمالك أن يلجأ إلى مركز فض المنازعات، ومن خلاله يرفع قضية على المستأجر، مع ملاحظة أن هذا الإجراء مكلف على المالك أيضاً، إذ تقدر الرسوم بـ3.5% من القيمة الإيجارية.
واقترح الوادية تبني فكرة بعض مديري العقارات، والتي تقوم على عمل مجسّم للعين المؤجرة، ووضع المشكلات الموجودة في الوحدة السكنية، أو المحل أو المكتب على هذا المجسم، مع تصويره وإعطاء نسخة للمالك ونسخة للمستأجر، وذلك قبل عملية التسكين، وبعد انتهاء التسكين يتم الكشف في ما إذا أحدث المستأجر أي أضرار من الممكن أن تتسبب بكلفة على المالك في المستقبل أم لا، إذ يتم الكشف عن العقار قبل وبعد تسكين المستأجر كما هو متبع في استئجار السيارات، مشيراً إلى أن هذا الإجراء يحمي طرفي العلاقة الإيجارية: المالك والمستأجر.
التأمين محمي
من جهته، أشار مدير «شركة الثورة للوساطة العقارية»، فيصل عوض عبدالله، إلى القاعدة القانونية التي تقول إن «العقد شريعة المتعاقدين»، لافتاً إلى أن العقد محمي بقوة القانون، وبالتالي، فإن مبلغ التأمين محمي ويسترد في نهاية العقد، وتسليم العين المؤجرة للمالك بالحالة نفسها التي استلمها المستأجر، ودفع الفاتورة النهائية للكهرباء والمياه.
وأضاف أن مبلغ التأمين المالي يضعه المستأجر لدى مدير البناية، باعتباره وديعة، ولا يجوز بأي حالة من الحالات قطع أي مبالغ تحت مسمى الصيانة، ولذلك، لا بد أن يرد هذا المبلغ للمتعامل بعد استيفائه جميع الأوراق التي تبرئ ذمته من قبل الجهات الرسمية.
وشدد عبدالله على أن ما يكتب في العقد واجب النفاذ، لأن الطرفين ارتضياه في ما بينهما، لكن الأمر يرجع إلى سلوك مالك العقار، صاحب الكلمة العليا، أو صاحب الموقف القوي باعتباره من يملك مبلغ التأمين في حالة الدفع النقدي، أو الشيك في حال توقيع المستأجر على شيك بقيمة المبلغ، إذ يلجأ المالك إلى التهديد والمساومة بخصم كل المبلغ، وصولاً إلى اقتطاع جزء منه حتى مع تسليم الوحدة سليمة.
وتابع: «من الممكن أن يقف المالك للمستأجر على أي خطأ موجود حتى ولو كان بسيطاً، ليجبره على دفعه، باعتبار أن المبلغ الذي يودعه المستأجر أو شيك الضمان تحت تصرفه».
استقطاعات قانونية
في السياق نفسه، قال رئيس «شركة إليت لينكس للعقارات»، عبدالله عبدالعزيز السهلاوي، إن هناك استقطاعات تتم عبر بنود إضافية، وغالباً ما تكون في الأماكن التجارية مثل المكاتب والمحال التجارية، وهي بطبعها قانونية لأنه دائماً ما يكون هناك تراضٍ بين الطرفين في وجودها بالعقد.
وأضاف أنه بموجب هذه البنود، يتم الاستقطاع من التأمين الإيجاري، مؤكداً عدم وجود أي مشكلة في الاستقطاعات المنصوص عليها في العقد.
وعي المستأجرين
أما مسؤول التأجير في «شركة الشامسي للعقارات»، طارق سلامة، فذكر أن هناك ممارسات سلبية عدة لشركات عقارية بشأن سداد التأمين الإيجاري، مستغلة ضعف الوعي لدى المستأجرين، وتجنب الشكوى ضد الشركات لاسترداد مبالغ التأمين.
وقال إن معظم الشركات تعمد إلى الحصول على مبالغ التأمين نقداً، وليس في صورة شيكات مصرفية، على الرغم من أن الهدف من التأمين هو ضمان عدم إتلاف مرافق العين المؤجرة.
وأوضح أن هناك فرقاً كبيراً بين إتلاف المرافق الأساسية، والتلفيات التي تأتي بشكل طبيعي في إطار الاستهلاك العادي للمرافق، خصوصاً عند الاستئجار فترات طويلة، إذ إن هناك مرافق تكون الفترة المقدرة لاستهلاكها نحو ثلاثة أعوام، وبالتالي، فإنها إذا تلفت بعد ثلاثة أو أربعة أعوام يكون الأمر طبيعياً، ولا حاجة لخصم مبلغ من التأمين المالي، مقارنة بتلفها خلال عام واحد، والذي قد يرجع إلى سوء الاستخدام ويحق وقتها الخصم من قيمة التأمين.
وشدد سلامة على ضرورة وضع ضوابط ومعايير واضحة لمعاملات التأمين الإيجاري لحفظ حقوق الطرفين، وتجنب حدوث منازعات، خصوصاً أن بعض المستأجرين يفضلون عدم الشكوى لاسترداد قيمة التأمين، تفادياً لسداد رسوم الشكوى التي قد تقارب مبلغ التأمين.
المصدر: الإمارات اليوم