رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
باشرت اقتصادية دبي مشكورةً بإطلاق حملات تفتيشية على منافذ البيع لمراقبة الأسعار بعد تطبيق الضريبة الانتقائية، ومخالفة كل من يحاول استغلال الضريبة بقصد التلاعب أو تحقيق أرباح إضافية، والجميل في الأمر أن اقتصادية دبي تحركت بشكل مباشر للتدقيق على الملاحظات التي تلقتها من المستهلكين، فقد وصلتها في اليوم الأول للتطبيق 21 ملاحظة وثماني شكاوى، وبناء عليه قررت مخالفة 17 منشأة ومنفذ بيع، ثبت استغلال أصحابها السلبي للضريبة الانتقائية.
قد تكون المخالفات في اليوم الأول بسيطة في عددها وأشكالها، إذ انحصر معظم الشكاوى الواردة في أول يومين في منتجات التبغ، خصوصاً السجائر، وتعلقت الشكاوى ببيع عدد محدد من الكميات للمستهلكين في أواخر أيام شهر سبتمبر الماضي، ما اعتبر نوعاً من أنواع احتكار السلع، وتم عليه إنذار المنافذ التي قامت بهذا الأمر، ومخالفات أخرى تتعلق بالمشروبات الغازية، ومحاولة الاستفادة بشكل أكبر من سعر الضريبة، لكن تصرف اقتصادية دبي مهم جداً في شكله ونتيجته، فهي بهذا الفعل تضع أساساً للعمل الرقابي في مرحلة جديدة، هي مرحلة ما بعد قرار فرض الضريبة الانتقائية، وتوصل رسالة واضحة للتجار وأصحاب المنشآت والمنافذ بأن الحبل ليس متروكاً على الغارب، وشكاوى وملاحظات الناس هي محط اهتمام ومتابعة من دائرة حكومية مختصة تطبّق قوانين الدولة وتخالف مخالفيها، ما يبث الطمأنينة في نفوس المستهلكين.
مفتشو اقتصادية دبي لم يتشددوا كثيراً في الأيام الماضية، وأخذوا بعين الاعتبار أن القانون مازال جديداً، وربما هناك من خالف بشكل غير مقصود أو متعمد لعدم وضوح الصورة لديه، وهذا أيضاً يُحسب للدائرة، ولذلك جاء إجمالي عدد المخالفات قليلاً مقارنة بحجم سوق دبي، لكن أعتقد أن تشديد الإجراءات مستقبلاً أمر مطلوب، وإظهار الحزم أيضاً مطلوب للسيطرة على سوق ضخمة، ولمنع التلاعب واستغلال الناس بشكل سلبي.
مراعاة بعض أصحاب المنافذ في بداية تطبيق القرار أمر جيد، لكن في حال تكرار الأشخاص أنفسهم للمخالفات ذاتها، فعندها يجب أن يكون الإجراء أشد والمخالفة أكبر، ليس في قيمتها المالية بل في قيمتها المعنوية. وللتأثير بشكل موجع في المخالفين أقترح نشر أسمائهم من قبل الدائرة، مع نوعية المخالفة التي ارتكبوها في حالة إصرارهم وتكرارهم ارتكابها!
نشر الأسماء هنا ليس للتشهير بل لتحذير الناس والمستهلكين، وتبيان المخالفة التي ترتكبها المنشأة، وكذلك للردع واستخدام هذا الفعل كورقة ضغط لمنع التلاعب وتقليل الاستغلال السلبي للضريبة، فالخسارة التي ستتكبدها المنشأة جراء نشر اسمها في قائمة المخالفين، لاشك أنها أكثر بكثير من الربح غير المشروع الذي ستحققه هذه المنشأة من وراء استغلال الضريبة والمستهلكين!
لابد من دراسة هذا الإجراء، فهو من دون شك وسيلة ناجعة وموجعة، وسيؤثر إيجاباً في استقرار الأسواق، وسيجعل التاجر يفكر ألف مرة قبل أن يُقدم على رفع سعر بضاعة أو يتلاعب بسعرها، وهذا الإجراء المؤلم معنوياً هو أشد وقعاً من أي مخالفة مالية تفرضها الدائرة، لأن التجار يعرفون كيف يعوّضون مثل هذه المخالفات المالية سريعاً من جيوب المستهلكين، في حين أن سمعة الاسم التجاري لا يمكن إعادتها بالسرعة ذاتها لو تم كشف تلاعبها للجمهور.
المصدر: الإمارات اليوم