رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
متفائل جداً بمستقبل التعليم الحكومي في الإمارات، فهناك دعم وتركيز غير محدود من قبل قيادة الدولة ورئيس الحكومة لتطوير هذا القطاع الحيوي، وهناك نقلة حقيقية في مفهوم العملية التعليمية، وهناك تجربة جديدة وجديرة بالاحترام بدأتها الحكومة في دمج مراحل التعليم كافة في وزارة واحدة بثلاثة وزراء.
التعليم هو دون منافس أهم ركائز مستقبل الدولة ووجودها، فلا مكان بين دول العالم المتقدمة، لدولة فقيرة في كوادرها المتعلمة، ولا حياة أو تطور من دون جيل متسلح بالعلم، ولا مستقبل أفضل من دون تعليم أفضل، هذه حقائق مسلمة لا جدال عليها، ومن أجل ذلك فلا خيار أمام وزارة التربية، ولا خيار أمام الوزير، ووزراء الدولة المختصين في التعليم، ولا أمام جميع قيادات ومسؤولي الوزارة سوى النجاح، ولا شيء غيره، هذا خيارهم الوحيد.
متفائل بمستقبل أفضل بعد أن شاهدت وسمعت استراتيجية التعليم التي أقرتها الوزارة وستبدأ في تطبيقها هذا العام، هي ليست اختراعاً جديداً، ولا إعادة لاختراع العجلة، هي باختصار وضع النقاط على الحروف، معالجة الأخطاء الكارثية التي أدت إلى تراجع نظامنا التعليمي، والنظر إلى أفضل الممارسات التعليمية ذات المعايير القوية والجودة العالية، لتشكيلها وتطبيقها بما يتناسب مع مجتمع الإمارات، وتوجه الدولة المستقبلي.
خطة قائمة على إعادة بناء شخصية المعلم وتأهيله باعتباره أساس العملية التربوية، والتركيز على المواد والمناهج التي تغرس المعرفة الحقيقية التي يفيد بها دولته ومجتمعه، وتمييز المميزين ودفعهم إلى الابتكار منذ سنوات دراستهم الأولى، إضافة إلى إعادة قراءة جميع المناهج وتطويرها، وإضافة مناهج ومواد جديدة غير موجودة في أنحاء الوطن العربي كافة، تواكب توجه الدولة المستقبلي نحو التقنية والابتكار.
إنها ثلاثية النجاح، ولا نجاح من دون اكتمال تطوير هذه الأركان، المعلم والمنهج والطالب، هذا ما فعلته الوزارة في استراتيجيتها الجديدة، وهو ما يستحق الدعم والمساندة من الميدان التربوي أولاً، ومن أولياء الأمور ثانياً، فهما من ركائز وموجهات النجاح، وما لم يقدما الدعم اللازم بإيجابية وتحفيز فإن معدلات نجاح التعليم ستبقى أقل فاعلية!
ضمن المرحلة الجديدة سيدخل المدارس أكثر من 1600 طالب في مسار تعليم متقدم، هم صفوة الصفوة من المتميزين، تم تصنيفهم كذلك وفقاً لمعايير عالمية مقارنة مع نظرائهم المتميزين في سنغافورة وكوريا وفنلندا وبريطانيا، وليس وفقاً لمحسوبية و«واسطة» ولا «من طرف فلان» أو «ابن فلان»، هؤلاء سيتلقون تعليماً متقدماً جداً، وسيشكلون مستقبل الدولة في المجالات الصعبة التي تحتاج إليها، وهؤلاء سيحرقون المراحل التعليمية وفقاً لإمكاناتهم وقدراتهم، في حين أن «المسار العام» سيكون مرادفاً فاعلاً وسيتلقى فيه الطلبة والطالبات جميع أنواع المعرفة التي يحتاجون إليها، فلا «علمي» ولا «أدبي»، وإنما علم نافع ضروري تحتاج إليه الدولة مستقبلاً.
هذا يعني أنه خلال سنوات قليلة سيعود التعليم الحكومي إلى مكانته الطبيعية، وسيتفوق من دون شك على التعليم «الخاص»، الذي بدأ يفرغ من مضمونه، ويتحوّل إلى تجارة حقيقية، وفقاً لمعايير الربح ومضاعفة الربح، وعلى حساب كل شيء وأي شيء!
المصدر: الإمارات اليوم