أكد مشاركون في فعاليات الدورة الخامسة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي، الذي انطلقت أعماله صباح أمس في الشارقة، تحت عنوان «نحو مجتمعات تتقدم»، بحضور صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وسمو الشيخ عبدالله بن سالم القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وعدد من كبار الشخصيات العالمية، ووزراء ومسؤولين وخبراء وإعلاميين من مختلف دول العالم، يزيد عددهم على 3000 شخص، على أهمية مكافحة الإرهاب والتطرف، واجتثاث الأسباب المؤدية إليه، لافتين إلى أن 25 ألف شاب عربي استقطبتهم الجماعات المتطرفة منذ بداية «الربيع العربي».
وأكدوا ضرورة دمج التكنولوجيا في النظام التعليمي، بعد أن أصبحت المعلومات متاحة للجميع في كل أنحاء العالم، لافتين إلى أنه ينبغي على المدارس والحكومات أن تعتني بجودة التعليم، والابتعاد عن أسلوب التلقين، لتضمن بناء المعرفة على أسس الفكر النقدي.
وأوضحوا أنه لا يوجد سبب رئيس للتطرف والإرهاب، بل تجتمع وتمتزج عناصر عدة في خلقه، مشددين على أهمية دور الاتصال الحكومي في الكشف المبكر عن مسببات التطرف، مثل الفقر والجهل والتخلف الثقافي، وغياب الحوار بين الحكومات وأفرادها، من أجل الحد من تفاقم ظاهرة التطرف الفكري باعتباره المنبع الأساسي للإرهاب.
مجتمعات المعرفة
وتفصيلاً، ناقشت الجلسة الأولى للمنتدى، التي جاءت تحت عنوان «الاتصال الحكومي وبناء مجتمعات المعرفة»، دور استراتيجيات الاتصال الحكومي في ربط السياسات التعليمية وتحديثها بمتطلبات التنمية، ونقل التجارب والخبرات المتراكمة للمسيرات التعليمية الناجحة، إضافة إلى تعميمها والاستفادة منها ودمجها في الإصلاحات التي تنتهجها الحكومة في المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة، على حد سواء.
وقال رئيس وزراء السويد السابق، فريديريك راينفيلدت، إن التغيير الذي أدخلته السويد على المناهج التعليمية وتمديد التعليم الإلزامي، شمل المدارس الحكومية والخاصة، وترافق مع إشراك أولياء الأمور في الهدف من هذا التغيير، وأهميته لبناء أجيال المستقبل، انسجاماً مع تحديات العصر واستحقاقات المستقبل.
وأكد أن «من الضروري دمج التكنولوجيا في النظام التعليمي، ولا مانع من التعاون مع الشركات الخاصة، لكن على الحكومات وحدها أن تتولى مسؤولية إدارة النظام التعليمي وإعادة تصميمه، وليس الشركات الخاصة». وتابع أنه «على الرغم مما تقدمه التكنولوجيا اليوم من ابتكارات متطورة، تتيح للجميع الوصول إلى المعلومات ومشاركتها مع الملايين من البشر في العالم، وعلى الرغم مما تقدمه التقنيات من وسائل للجيل الجديد ليكتسب مهارات ومعارف جديدة، إلا أننا في السويد نحرص أكثر من أي وقت مضى على تعليم طلابنا والأجيال الجديدة كيفية فهم وتحليل كل هذه المعارف، وتطوير مهاراته في التفكير النقدي».
الشباب والتغيير
من جهته، قال المستشار الخاص للأمم المتحدة حول التعليم الدولي، ضياء الدين يوسفزاي، إن «تجربتنا في باكستان مثال لأهمية دور الشباب في عملية التغيير، واعتز بما حققته ابنتي ملالا التي استطاعت أن تقدم صورة مشرقة عن بلادها، وتتحول الى قدوة لبنات جيلها، سواء في باكستان أو أي مكان آخر في العالم».
وأكد أن «الفكر المتطرف والإرهابي لا يخاف من الأسلحة، بل يخاف من فتاة تحمل كتاباً، ومن هنا أقول إن التعليم هو أساس تطور المجتمعات والمعرفة، وتمكن الأجيال من نيل حقوقها، والتمتع بها على قاعدة الاحترام والمساواة».
وأشار إلى أن المعلومات أصبحت اليوم متاحة للجميع في كل أنحاء العالم، وأن الجيل الجديد يتلقى معلومات مكثفة، وبوتيرة متسارعة، على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه يحتاج إلى تطوير فكر نقدي من أجل غربلة هذه المعلومات، لافتاً إلى أنه ينبغي على المدارس والحكومات أن تعتني بجودة التعليم، والابتعاد عن أسلوب التلقين، لتضمن بناء المعرفة على أسس الفكر النقدي.
وأوضح المؤسس والمدير التنفيذي لشركة الألعاب «casey games» – أصغر مدير تنفيذي في عالم الإنترنت – جوردان كاسي، أن مهاراته في البرمجة الإلكترونية مكنته من تقديم وسائل جديدة للتعليم، وإتاحة الفرصة للشباب لإيصال أصواتهم إلى العالم، ومشاركة أحلامهم وتطلعاتهم حول المستقبل الذي يريدونه.
وأضاف: «بإمكاني أن أكون حلقة وصل بين هؤلاء الشباب والحكومات، وأعتقد أن المهتمين بتطوير التعليم سيأخذونني على محمل الجد، لأنني أستطيع توفير الحلول من خلال لعبة إلكترونية ما، كما يمكنني المساعدة في مكافحة الفقر أو الحرمان من التعليم»، مبيناً أن «الهدف من عملي ليس جني المال فقط، بل أيضاً مساعدة الكثيرين على تأمين عمل لهم في المستقبل من خلال تأسيس شركات عبر الإنترنت».
نجاحات رائدة
من جانبه، قال رئيس القطاع الحكومي لدى «لينكدإن» الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، رجائي الخادم «نحن نضع التكنولوجيا في خدمة التعليم، ونتعاون مع الحكومات في مختلف أنحاء العالم من أجل تلبية احتياجات سوق الوظائف وتعزيز الإنتاجية، ولدينا في دول الشرق الأوسط ودول الخليج بشكل خاص نجاحات رائدة مقارنة مع دول أوروبا وأميركا».
وأكد أن الحكومات تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع القطاع الخاص من أجل مواكبة التطور الذي تحدثه الابتكارات التكنولوجية بشكل متسارع، والاطلاع على البيانات الجديدة التي يتم تحديثها على مواقعنا ومنصاتنا المعرفية، مشدداً أن على قطاع التعليم أن يواكب أيضاً المتغيرات، ويتيح للطلاب مهارات جديدة تمكنهم من الحصول على فرص عمل في المستقبل.
وأشار إلى أن «التأقلم والقدرة على التكيف هما الأساس في النظام التعليمي الجديد، وما نعرفه اليوم سيكون مختلفاً في الغد، من هنا ينبغي أن نعمل معاً من أجل تمكين الشباب من امتلاك مهارات جديدة ترقى إلى تحديات المستقبل».
مواجهة التطرف
وأكد المتحدثون في الجلسة الثانية للمنتدى، التي جاءت تحت عنوان «مواجهة التطرف.. الاتصال الحكومي وصناعة الثقافة الإنسانية»، أهمية دور الاتصال الحكومي في الكشف المبكر عن مسببات التطرف المادية، مثل الفقر والجهل والتخلف الثقافي، وغياب الحوار بين الحكومات وأفرادها، للحد من تفاقم ظاهرة التطرف الفكري، باعتباره المنبع الأساسي للإرهاب، الذي انتشر وساد مساحات واسعة من العالم، وبات يهدد مستقبل البشرية وأمنها.
وقال رئيس وزراء فرنسا الأسبق، دومينيك دوفيليبان، إنه لا يوجد ما يثبت أن التطرف المرتبط بالعنف لن يتراجع نتيجة أن سببه الرئيس هو اجتماع الغضب بالخوف، لذا ينبغي أن يكون هناك مشروع سياسي يساعد الأشخاص على مواجهة عدم الإنصاف الذي قد يتعرضون له من حكوماتهم، مشيراً إلى أن تطور الوضع الاقتصادي قد يحقق الأمل المرجو في القضاء على التطرف أو التخفيف من حدته، باعتباره الحل المتاح تطبيقه حالياً، كما أن نقاش الحكومات مع الجماعة المتطرفة قد ينتج عنه تطوير البنى التحتية التي تخلق الأمل بالتغيير لدى الجماعات المتطرفة.
وأضاف: «نحن لانزال نكافح اللاجئين من أجل عدم دخول بعض الدول، إلا أن هذا السلوك ليس الحل، بل من الأفضل أن نتيح لهم الفرص المناسبة من أجل الحياة الفضلى، حتى لا يتحولوا إلى مشروعات متعصبة مستقبلاً».
وأضاف: «برأيي لا يوجد سبب رئيس للتطرف والإرهاب، بل تجتمع وتمتزج عناصر عدة في خلقه، فالإرهابيون جماعات مدعومة من قوى وجماعات أخرى».
وشدد دوفيليبان على أن التدخل العسكري يزيد من حدة الإرهاب والتطرف، كونه يخلق احتقاناً يعمق معنى الإرهاب، ويخلق جماعات لها التوجه الإرهابي المتطرف نفسه، لذا فإن الحل المتاح هو تفكيك الجماعات الإرهابية.
تصادم الأفكار
من جانبه، أوضح سفير باكستان في الولايات المتحدة سابقاً، محمد حقاني، أن التطرف ينتج من تصادم الأفكار، إذ تظهر جماعة تستغل عدم رضى بعض الفئات، موضحاً أن سبب التطرف في العالم الإسلامي غياب الأفكار التي تجمع بين الدين والحداثة، ما ينتج عنه إرباك الكثير من الذين يتوجهون للحداثة، إذ يصطدمون بفئات تعرقل مسيراتهم الفكرية.
وأكد أنه على الرغم من أن المسلمين يشكلون حالياً خمس سكان العالم، إذ يصل عددهم إلى 1.6 مليار مسلم في العالم، إلا أن عدد الجامعات في العالم الإسلامي أقل بكثير من الجامعات في العالم الأوروبي، ما يقلل من فرص تميز المسلمين في المجالات العلمية.
وأكد حقاني ضرورة التركيز على الشباب المسلم، كونهم يشكلون النسبة العظمى من مسلمي العالم، وتدريبهم على العلوم المختلفة، وتهيئة فرص العمل المناسبة لهم.
وأكد الممثل السامي لمنظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات، ناصر عبدالعزيز النصر، خلال الجلسة الثانية من فعاليات الدورة الخامسة للمنتدى الدولي للاتصال الحكومي 2016، أن رجال الدين تقع على عاتقهم مسؤوليات كبيرة للقضاء على التطرف، من خلال إقناع الشباب الذين يقومون بالقتل والخراب باسم الدين، مشيراً إلى أهمية الرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي، كونها تلعب دوراً مهماً في صناعة أفكار متطرفة.
المصدر: الإمارات اليوم