تحكي إحدى الأساطير القديمة أن أزيموديوس (أحد الشياطين) هو المسؤول عن تحبيب الأزواج في الفسق والفجور، وأنه السبب في تفريق الأزواج عن بعضهم .. كما أنه في الأساطير اليهودية يساوي كبير الشياطين .. بالإضافة لكونه زوج ليليث (وهي الأنثى الأولى – قبل حواء – التي رفضت أن تخضع لسلطة آدم وصارت رمزا للتمرد على الرجل) !..
المهم أن الأخ “أزيموديوس” لا يرتاح ولا يغمض له جفن إلا بتفريق الأزواج والعمل على تشريد الأطفال المساكين .. كان هذا سابقا وليس اليوم .. لأن وسائل الاتصال الحديثة تقوم بهذه المهمة على أكمل وجه الآن .. ولا تترك لأزيموديوس المسكين فرصة لعمل أي شيء !.. أعتقد أنه عاطل عن العمل .. وعلى الأرجح تمت إحالته للتقاعد منذ فترة لا بأس بها .. والفضل في ذلك يعود لوسائل الاتصال، وللإعلام الغربي والعربي على حد سواء ..
إذ وفقا لخبر نقلته صحيفة البيان الإمارتية، فإن النسبة العظمى من المشكلات العائلية تكاد تنحصر في إطار النفقة ومشاهدة وسائل الإعلام التي لا تتوافق مع معتقدات وثقافة المجتمع الإماراتي (والعربي عموما) ..
وإذا كانت خلافات النفقة (إلى حد كبير) هي انعكاس آخر للإعلام الذي يروج لقيم الاستهلاك والمتعة التي تحمل العائل المسكين أكثر مما يطيق .. فإننا نصل لاستنتاج بسيط يكاد يقول ملء فيه إن الإعلام هو المتسبب الرئيس في الأزمات العائلية حاليا ..
وإذا عرضنا مضامين وسائل الإعلام (الترفيهية) للبحث، فسنجد أن شغلها الشاغل هو الحب .. والذي تتنوع أشكال تناوله من أغان وأفلام ومسلسلات وروايات وقصص قصيرة وأشعار .. إلى آخره من فيض الحب الذي يجتاح الأخضر واليابس !.. وإنني لأتساءل .. كيف اختفى الحب من حياتنا إذن ؟!
المشكلة أن المحبوبة تكون جميلة دائما .. بحيث تعرض عليك الشاشات وجوه ملائكية قد تعيش حياتك ثم تموت دون أن يسعفك حظك برؤية إحداها (ولن أتكلم عن العود الطري والقد الممشوق) !.. وكأن الحب لا يستحقه إلا الحسان، فضلا عن كونه إحساسا إنسانيا قد تجيش به مشاعر أي شخص (بالرغم من أن الحيوانات أيضا تحب بشكل أو بآخر) ..! دعك من إسهال الرومانسية والحب الذي يغرق به البطل محبوبته .. والذي لا تتسع الحياة لمثله في الواقع، إذ يكفي الرجل نكد العمل ومعركة قيادة السيارة في الشارع ليعود للبيت منهكا لا يقوى إلا على تناول الطعام والنوم كدب قطبي إلى جانب “الولية” !
ليس هذا فقط .. بل هناك وسائل الاتصال التي أتاحت التواصل بلا حدود وحطمت القيود التي كانت تفرضها التقاليد والجغرافيا سابقا .. فتجد الفتاة وقد تعرفت على عشرات الشباب (بعضهم في النصف الآخر من الكرة الأرضية) قبل أن تنهي دراستها حتى .. والشاب وقد تعرف على مئات الفتيات بالمقابل (تمشاية حال على أي حال) !.. وماذا تعتقدون أنه قد يقول لهن غير الحب والغرام وقصائد نزار قباني ؟
أذكر أن صديقي اتصلت به مرة إحدى صديقاته السابقات .. والتي كانت قطعت علاقتها معه عندما خطبت لأحدهم .. اتصلت بصديقي وقالت إنها تريد أن تراه .. فعرف مباشرة أنها فسخت خطبتها وأنه لم يكتب لمشروع زواجها النجاح .. المهم أنه وافق وذهب بالفعل ليلتقي بها في إحدى المقاهي .. وهناك سألها عن مشروع خطبتها فذكرت له أنها تزوجت بالفعل وأنها فقط تشاجرت مع زوجها وهو في مدينة أخرى (أي الزوج) .. ما جعلها تستغل الأمر لملاقاته (صديقي) .. وحينها فقط بدأ العرق يتصبب من وجهه ..!
أشياء كثيرة طرأت على نمط الحياة وأدت إلى أن تتفشى ظاهرة الطلاق في المجتمع .. أشياء كثيرة جدا لا تستطيع حصرها في مقال ولا مقالين مهما أسهبت .. وليس هذا هدفي بأية حال .. فقط خطر في بالي (وهذا سبب كتابة المقال) أن “أزيموديوس” لا بد وأنه يضع رجلا على رجل ويشاهد التلفاز طيلة اليوم .. فليس هناك ما يقوم به إذ تكفلت وسائل الاتصال بكل شيء .. وربما يتلقى معونة إعاشة حاليا من صندوق المعونات للشياطين العاطلين !
ولئن صحت توقعاتي .. فلا أستبعد أن تكون ليليث رفعت دعوى “خلع” على “أزيموديوس” هو الآخر نتيجة إهماله واجباته الزوجية معها، إذ سيكون صارت لديه صديقات عدة يتواصل معهن يوميا عبر وسائل الاتصال المختلفة ويخرج معهن، ثم يعود ليلا ليتسمر أمام شاشة التلفاز (التي أدمنها) ويشاهد الأفلام والمسلسلات التي لا تتوافق مع القيم الشيطانية الموروثة !!