كاتب متخصص في الإدارة
من ثمار ابتعاث دولة الإمارات لمواطنيها لدراسة علم حديث، وهو البصمة الحركية أو «المشية» في بريطانيا، أن عناصرها الأمنية نجحوا في الكشف مؤخرا عن هوية متهم من «طريقة مشيته» وذلك حينما تعرض لامرأة ولم تتمكن كاميرات المراقبة من تصوير قسمات وجهه.
ومن محاسن الصدف أن د. حمد منصور العور، المختص في البصمة الحركية في الإدارة العامة للأدلة الجنائية وعلم الجريمة في دبي الذي ابتعث خصيصا للقاء عَلَم من أعلام بصمة الحركة د. مارك نيكسون قد التقى مصادفة بالباحث السعودي د. عماد جاها الذي بعثته بلاده لدراسة تقنية جديدة يعد السعودي أول من يطرحها في العالم وهي «بصمة الملابس». يقول لي د. عماد إن د. العور سُر حينما علم أن هناك عربياً يعكف على دراسة نقلة جديدة في التعرف على المجرمين.
ما لفتني حقيقة أن د. نيكسون، من جامعة ساوثهامبتون البريطانية، كان مترددا في أن يشرف على رسالة دكتوراه د. عماد لتوقعه بأنها ستكون عديمة الجدوى. غير أن «النتائج كانت مفاجئة»، كما قال، وهو ما دفعه إلى عمل أربعة أبحاث علمية مع المبتعث السعودي لتنشر في الدوريات العلمية المرموقة.
وأهمية هذا الموضوع تكمن في أنه رغم حداثته إلا أنه قابل للتطوير مثلما حدث بداية مع بصمة الإبهام التي أصبحت الآن أكثر إتقاناً، ولا يخلو منها مطار أو مؤسسة أمنية في العالم. فأصبح هذا الإبهام العجيب إعجازاً يجعلنا ندرك جانبا من قول الله سبحانه وتعالى «بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِي بَنَانَهُ».
وهذا دليل على أن في محيطنا حلولاً لمشاكلنا إن نحن أحسنا توظيف قدرات شبابنا واستقطبنا لهم أفضل البارزين في كل المجالات أو ابتعثناهم إلى مختبراتهم.
فعلى سبيل المثال، بصمة الحركة التي تعد شرطة دبي أول من يطبقها في المنطقة، ومن أول من ترسل مبتعثين لدراستها في العالم العربي، تعد أيضاً في بدايتها، لكنها يمكن أن تستخدم كقرينة في إجراءات المحاكمة عندما يصعب رؤية الوجه لأنها تقيس سرعة مشية أو حركة المشتبه به، وطوله، وحركة مفاصله، وحجم كتلة الجسم، ويديه، وكتفيه، ورجليه، وطوله فضلاً عن صفات خلقية بارزة للمقارنة بأوصاف شهود العيان أو مشاهد الكاميرا.
وهذا ما حدث فعلياً باستخدام تلك التقنية في أول قضية جنائية، حسبما أعلن بيان سابق لشرطة دبي، وذلك لمتهم تربص بامرأة عند أحد المصاعد وباغتها من الخلف ليسرق حقيبتها عنوة ثم لاذ بالفرار.
وكم من مجرم فار، في العالم، لم تتوصل إليه يد العدالة لأنه لم يكن عند ارتكابه لجريمته حلول تكشف هويته، لاسيما عندما تغيب آثار البصمات وملامح الوجه.
وهذا ما يحتم أن يكون في كل قطر عربي مراكز بحثية تكون رافداً لمتخذي القرار، ولتخرج صفاً ثانياً من المواطنين الذين يمكنهم المسارعة في حل مشكلات بلادهم من خلال أبحاث ومشاريع تدعم الإبداع والابتكار.
المصدر: البيان