الإصرار على مقاومة التغيير يعني الإصرار على العيش خارج العصر. وحينما تستشري حالة التذمر في المجتمع فإن تلك إشارة صريحة أن حالة السوء والتردّي قد بلغت حداً خطيراً.
ولا بد من أن نتغيّر! لكل زمن ظروفه وثقافته. ولا يمكن أن أعيش اليوم بعقلية الأمس. أو أن أنتظر من ابني أن يفكر بعد عشرين سنة كما أفكر أنا اليوم. العالم من حولنا يتغير. وهاهي مصر اليوم تتغير. ومهما رافق التغيّر من أخطاء وآلام تبقى الحقيقة على الأرض ناصعة الوضوح مصر تتغيّر! المؤمنون بالتغيير غالباً هم المنتصرون.
ولهذا فليس أمام العقلاء من صُنَّاع القرار في منطقتنا سوى استيعاب الدرس وفهمه جيداً. إنهم مطالبون الآن ليس بمجاراة التغيير وإنما بمسابقته. من لا يتغيّر اليوم غصباً عنه يتغيّر غداً. وكثير من الأفكار التي نرفضها بالأمس نتمسك بها اليوم. والأمثلة كثيرة. من قاوم فكرة تعليم المرأة قبل عقود يدافع عنها اليوم. ومن رفض إدخال الهاتف بيته قبل سنوات يحمل اليوم جواله في جيبه. ومن كان يدعو بالأمس القريب: «يارب لا تغيّر علينا» يتذمّر اليوم من بطء عملية التغيير والتطوير والإصلاح.
الأذكياء هم من يتعاملون مع توق الناس للتغيير بمنطق «بيدي لا بيد عمرو». إنهم يسابقون الزمن من أجل حل المشكلات قبل تفاقمها. ويسبقون الناس من حولهم في صناعة التغيير في بلدانهم. وهؤلاء ، في الغالب، يكسبون «معركة البقاء».
أما من يعاند حقائق الزمن فحتماً سيعيش خارج الزمن. ولهذا، ومن أجل ألا نعيش خارج الزمن، لا بد أن نقرأ ما يجري في مصر اليوم من تحولات كبيرة ومبهرة بإيجابية. وعلينا أن ندرك أن من لا يدير التغيير بنفسه سيأتي من يفرض التغيير عليه بشروط أكثر تعقيداً وتنازلات قد تكون مؤلمة.
ما زالت الفرصة ذهبية.
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٧٣) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٥-٠٥-٢٠١٢)