رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
وجدته مرتبكاً عند بوابة دخول معرض الوظائف الذي اختتم أعماله أمس في دبي، هو شاب إماراتي يبدو عليه الحماس والجدية، سألته: ما المشكلة؟ قال: «أتصدق أن الشركة التي أعمل بها تريد إنهاء خدماتي، وهي ذاتها أنهت خدمات عدد من الموظفين المواطنين، وجئت هُنا لمقابلة مسؤول الموارد البشرية فيها لمناقشته حول أمري، في الوقت الذي يجلس فيه بجناح الشركة عارضاً وظائف على المواطنين؟!».
تُرى أي وظائف تلك التي تريد عرضها هذه الشركة في حين أنها ليست جادة في التعامل مع موظفيها المواطنين؟ وسبب إنهاء خدماتهم، كما يقول ذلك الشاب، هو أن «الحاجة لم تعد قائمة لوجودهم في القسم الذي يعملون فيه»، وبدلاً من البحث لهم عن عمل في أقسام أخرى، فضلت الشركة اختيار الحل السهل، وهو إنهاء خدماتهم، وهي بالمناسبة شركة «شبه خاصة»، مرتبطة بشكل ما مع الحكومة، متعددة الاختصاصات، فهي تعمل في مجالات عقارية وترفيهية وسياحية وغيرها الكثير، وتحقق أرباحاً بالمليارات، ويعمل بها عشرات الآلاف من الموظفين من مختلف دول العالم!
بالتأكيد هذا الموقف ليس له علاقة بالمعرض، ولا أُقلل هنا من أهميته، أو جديّة بقية المشاركين، ولكن من خلال جولة بين أرجائه وأجنحته الكثيرة والمتعددة، يُمكن ملاحظة وجود ثلاث فئات من العارضين: الفئة الأولى جادة ومهتمة، ولديها خطط واضحة للتوطين، وجاءت المعرض لعرض وظائف شاغرة حقيقية محددة سلفاً، وهذه الفئة معظمها من الدوائر الحكومية المحلية لحكومة دبي، فعلاً يلمس الزائر جديتهم في المقابلات الفورية، والتعيينات السريعة وفقاً لنتائج المقابلة الفورية.
الفئة الثانية هي فئة تشارك فقط من أجل المشاركة، فهي تريد إثبات وجودها لا أكثر، وهذه الفئة غير جادة في التوظيف، ولا توجد لديها وظائف شاغرة أصلاً، والهدف من التواجد في المعرض هو التواجد لا أكثر.
أما أسوأ العارضين فهم أصحاب الفئة الثالثة، وهي في الغالب شركات قطاع خاص، تشارك في المعرض بهدف الترويج وكسب السمعة، وإعطاء صورة إيجابية «غير صحيحة» للمسؤولين الحكوميين المتواجدين والزائرين للمعرض، بغرض الاستفادة وتحقيق مكاسب وتسهيلات مستقبلية، وذلك من خلال اللعب على وتر التوطين!
بالتأكيد لن أُعمم، وبالتأكيد ليسوا جميعاً كذلك، وإنما عدد منهم على شاكلة تلك الشركة التي تُنهي خدمات المواطنين، وتشارك في معرض الوظائف لكسب السمعة لا أكثر!
مجدداً، ليس الهدف هُنا التقليل من أهمية المعرض، وقيمته، فوجوده مهم مادام يسعى لتوظيف الشباب من الخريجين أو الراغبين في الحصول على وظائف أفضل، ولكن لابد من تفعيل متابعة التوظيف في فترة ما بعد المعرض، بمعنى أنه لابد من وجود جهة رقابية تتولى التدقيق على الجهات المشاركة للتأكد من جديتها، والتأكد من أعداد المواطنين الذين تم توظيفهم أثناء المعرض، ولا مانع من إعداد قوائم بيضاء وسوداء: البيضاء للجادين والمهتمين، والسوداء لتلك الجهات التي تشارك بغرض الترويج، وذلك لمنعها من المشاركة في الدورات المقبلة، فحاجة الشباب للوظيفة ليست مجالاً للترويج وكسب سمعة زائفة، ومعرض الوظائف ليس هو المكان الأنسب للتسويق الدعائي!
المصدر: الإمارات اليوم