وزير الدولة لشئون الاثار المصرية السابق
أحسست برهبة شديدة عند دخولي إلى وادي الملوك الغربي للمرة الأولى؛ ولعل سبب الرهبة يكمن في أن هذا الوادي لم يشي بعد بأسراره! ولم يزل به مقابر كثيرة لم تكتشف بعد. خاصة لأن الوادي الغربي هو بحق، المكان المثالي للدفن أكثر من وادي الملوك الشرقي.
وقد بدأت أتجول بهذا الوادي لأول مرة عندما بدأنا نفكر في العمل بوادي الملوك عام 2009م… وقد كشفت عن أسباب عزوف علماء الآثار عن الحفر في الوادي الغربي نظراً لكميات الرمال المهولة التي تغطيه وتستنزف ميزانية أي بعثة أثرية! كذلك كميات الصخور الكبيرة المنهارة والتي تعوق عمل الحفائر العلمية بالموقع! وتضاريس الوادي صعبة جداً، ويعتبر من الوديان العملاقة التي تتكون من وادٍ سفلي ضيق وصغير يعلوه وادٍ علوي هائل وضخم، وقد لاحظت أيضاً كثرة الشروخ والشقوق والفوالق ما بين صخوره، وذلك بسبب كثرة الفيضانات والأمطار المسببة لذلك، وكثرة كميات الرديم والتي تتكون من الرمال والكتل الحجرية والتي تؤدي كما سبق وذكرت إلى صعوبة الحفر والعمل الأثري، الذي يحتاج إلى تكاليف مالية كبيرة بالإضافة إلى الوقت الطويل الذي يمكن أن تستمر فيه الحفائر حتى يتم الكشف عن مقبرة جديدة.
أما عن مميزات هذا الوادي والتي تؤهله لكي يكون مكاناً مثالياً لإخفاء مقبرة؛ وهو الهدف الأساسي لدى المصري القديم والذي كان يقوم بإجراءات كاملة في سبيل حماية وإخفاء مقبرته عن أعين اللصوص؛ فتتلخص في وجود الحماية الطبيعية للوادي؛ وميزة الأمان وبعده أيضاً عن وادي النيل؛ بالإضافة إلى جودة صخوره التي تتكون من الحجر الجيري الجيد. هذا ويوجد بالوادي أربع قمم هرمية عكس الوادي الشرقي الذي يوجد به قمة واحدة فقط! وتعتبر القمم الهرمية من أهم الأسباب والشروط عند اختيار موقع لحفر المقبرة الملكية لأن المصري القديم أراد أن تستمر فكرة دفن الفرعون أسفل الشكل الهرمي مثلما كان الحال خلال الدولتين القديمة والوسطى؛ ولذلك عندما تم اختيار وادي الملوك الشرقي والغربي لدفن الفراعنة كان بسبب وجود القمم الهرمية الطبيعية حتى يمكن أن تستعمل الروح الشكل الهرمي كسلم تصعد به إلى السماء؛ وذلك طبقاً لما هو موجود في الكتب الدينية، وخصوصاً نصوص الأهرام.
وهناك ميزة أخيرة لهذا الوادي، وهي قرب الوادي من قرية العمال بدير المدينة والتي تقع إلى الجنوب من الوادي، حيث بلغت المسافة ما بين مقبرة الملك «آي» ومقبرة «سنچم» بدير المدينة 1600 متر فقط.
قام فريق العمل المصري بسير هذه المسافة واتضح أنها تستغرق نحو 40 دقيقة فقط؛ بل ووجدنا أن العمال كانوا يسيرون حتى يصلوا إلى قمة الجبل العلوي بالوادي الغربي ثم قاموا بعمل سلالم منحدرة لكي ينزلوا عليها للدخول إلى الوادي، لذلك لم يكن هناك أي داع لأن يعيش العمال داخل الوادي الغربي لقربه من سكنهم بالقرية عكس الوادي الشرقي الذي عثر فيه على المساكن التي عاشوا فيها وهم يبنون المقابر.
المصدر: الشرق الأوسط