مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
توقفت عند سؤال طرحه أحد الأصدقاء في صفحته على تطبيق فيسبوك، يخص هؤلاء الشغوفين بالقراءة والكتب، يقول السؤال: أين ستذهب مكتبتنا الشخصية عندما نرحل؟ ماذا سيفعل بها أهلنا؟.
تساءلت معه نفس السؤال، لأعرف مآل هذه الكتب، فهل سيتقاسمونها في ما بينهم؟ يبدو أن هذا خياراً مستبعداً، لكن، وعلى اعتبار أنك لست القارئ الوحيد في العائلة، فربما ستؤول مكتبتك لهذا القارئ الذي كان دائماً ما يمنّي النفس بالاستيلاء عليها، حتى إن ذهنك غالباً ما كان يذهب إليه، بمجرد أن يختفي كتاب ما عندك!
ربما سيتبرعون بها لمكتبة المدينة؟ أو سيبيعونها بالسعر الذي يعرضه أول المشترين؟ وقد يملؤون بها عدداً ضخماً من الكراتين، ويزجونها في مخزن مهجور، حتى إذا مر زمن طويل على تخزينها، وبدأت رائحة الكتب المخزنة تعكر صفو المنزل، استدعوا إحدى الشركات، وطلبوا منهم التخلص منها! لا بد أن تتخيل الرحلة التي ستقطعها كتبك بعد رحيلك، فإذا لم تفكر في الأمر سابقاً، فحاول أن تفعل، وابحث لها عن متبنٍ جيد يعرف كيف يرعاها.
في السنوات المقبلة، ربما بعد عشرين عاماً أو أكثر، سيتضاءل الإقبال على الكتب الورقية، هذا الاحتمال وارد بنسبة معينة، وستبدو الكتب التي نمتلكها اليوم، أشبه بالنسخ النادرة، لكنني أستبعد انقراض المكتبات، فإن لم تنقرض المكتبة طيلة هذه القرون الممتدة منذ تأسست مكتبة الإسكندرية، على يد الإسكندر الأكبر قبل 23 قرناً، فإنها لن تنقرض الآن هكذا ببساطة، لكن ربما يقل إقبال الأفراد على شراء الكتب الورقية لأسباب مختلفة، لذلك، فإن التبرع بالمكتبات الشخصية، أو بجزء منها، للمكتبات العامة، يبدو هو الحل الأمثل، ليس بعد رحيلنا، بل وحتى قبل ذلك بكثير.
لكن هل يعرف أهلنا حقاً ما تعنيه لنا هذه الكتب وهذه المكتبة؟ وكم جهدنا للحصول عليها؟ وكم بذلنا لنكوّنها ونرتبها ونتباهى بها كتاباً كتاباً، كم طفنا مدناً، ودخلنا معارض ومكتبات لنقتني محتوياتها؟ وكم قضينا فيها من وقت؟ وكم نحن مدينون لها بما أصبحنا عليه؟.
المصدر: الخليج