ضابط في شرطة دبي برتبة مقدم ، حاصل على درجة الدكتوراة من جامعة سالفورد بالمملكة المتحدة في إدارة التغيير وعلى درجة الماجستير في الإدارة العامة (MPA) من جامعة ولاية أوريجون بالولايات المتحدة الأمريكية، مهتم في مجال الجودة والتميز المؤسسي ، يعمل حالياً مديراً لمركز أبحاث التميز بالإدارة العامة للجودة الشاملة بشرطة دبي
أخطر الأمراض هو أن تكون لا أحد لأيّ أحد «الأم تريزا».
تعرفتُ إلى أحمد الأنصاري خلال دورة الحوكمة التي كان محاضراً فيها، ثم شرَعتُ بالتواصل معه على «الواتس أب». وعلى الرغم من قلة رسائله إلا أنها مميزة، لذلك أحرص دائماً على قراءتها، وكان آخر ما قرأتُ له هذه القصةَ الطريفة:
«عائلة ميكال» عائلة عراقية ثرية جداً من سكان البصرة، نزلت في مدينة صُحار على مَتْن سفينة كبيرة، ثمّ علقتْ العائلة هناك ولم تتمكن من العودة بسبب الغبار والرياح والأمطار التي هطلت لثلاثة أشهر متتالية، فأدّى ذلك إلى نفاذ مؤنهم ونقودهم، فنزلوا ضيوفًا على «ابن دريد»، فأكرم مثواهم وأحسن إليهم، حتى إنه أحرق بعض مقتنيات منزله المصنوعة من الخشب؛ لتدفئة ضيوفه وطبخ الطعام لهم.
وحينما هدأت العاصفة عادتْ عائلة ميكال إلى البصرة، بعد أن طلبت من ابن دريد اللّحاق بها إلى العراق، عسى أن يعلِّم أبناءها شيئاً من الشعر والأدب العربي، لبّى ابن دريد طلبهم، لكنّه فوجئ ببرودة الاستقبال، وفتور في التكريم على غير ما تَوقّع، ما أدى إلى شعوره بالإهانة والخذلان والضيق، فقرر العودة إلى مدينة صُحار، وبالفعل عاد إلى عُمَان بعد بضعة أشهر.
وبنزوله في ميناء صحار وجد الفرحة والبهجة مرتسمة في وجوه المستقبلين له من أهله وأقاربه، وآنس في مظهرهم علامات الثراء، فسألهم: ما الأمر، وكيفَ تبدل الحال وكثُر المال في هذه المدة القصيرة؟! وكان جوابهم: أنت الذي بعثته لنا من البصرة، فبعد سفرك إلى العراق، وصلتنا سفينة كبيرة محملة بما لذ وطاب من الأكل والشراب، ومن الملابس والحُلي، والخيول، وقيل لنا: إنها من عندك، فسُرّ ابن دريد وانشرح صدره، وعرف أن عائلة ميكال، أرادت أن تكرمه من دون أن تجرح مشاعره، وذلك مقابل استضافته لهم وإكرامه لمثواهم عندما كانوا في «صحار». فكانت مكيدة مدبّرة، وما أروعها من مكيدة! فقد كان تعاملهم معه في البصرة دون المستوى المطلوب، وكان قصدهم أن يضيّقوا عليه؛ حتى يعود إلى أهله. وهكذا أنشد ابن دريد قصيدته «المقصورة» مادحاً عائلة آل ميكال، جاء في مطلعها:
يـا ظَبيَـةً أَشبَـه شَـيءٍ بِالمَهـا
تَرعى الخُزامى بَينَ أَشجـارِ النَقا
إِمّا تَـرَي رَأسِـيَ حاكـى لَونُـهُ
طُرَّةَ صُبحٍ تَحـتَ أَذيـالِ الدُجـى
عندما استضافت القمة الحكومية الأخيرة البرفيسور في جامعة هارفارد، دانيل غليبرت، ليحدثنا عن «رحلة البحث عن السعادة»، أوضح أن السبب الأول في السعادة هو «العطاء». لذا واصل الليل بالنهار في العطاء ولا تمل، ولكن حذارِ أن «تنسى نفسك»!
المصدر: الإمارات اليوم
http://www.emaratalyoum.com/opinion/2015-03-19-1.766805