رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
شهدت إمارة عجمان، مساء السبت الماضي، جريمة قتل بشعة، راح ضحيتها شابان مواطنان، قتلا بسبب مشاجرة من قبل ثلاثة شبان، استخدموا السواطير والسيوف والسلاح الأبيض بكل قسوة وعنف ضد الضحايا، ووفقاً لشهود عيان، فإن الجريمة وتفاصيل الطعن والمشاجرة العنيفة، هي فوق الخيال والوصف، وتشبه إلى حد كبير ما نراه في أفلام العنف والرعب، دماء تسيل وضربات سيوف أشبه بمعارك العصور القديمة، وجثة تسقط، والمجرمون يواصلون الطعن، وكل ذلك في الطريق العام، وأمام مرأى المارّة ومرتادي الطريق!
المزعج في الأمر، أن اثنين من مرتكبي جريمة القتل في هذه الواقعة هما من أصحاب السوابق، وقد صدرت بحقهما أحكام سابقة، ولكن لم يتم إبعادهما عن الدولة، ما شجعهما على ارتكاب جرائم مقلقة، أدت إلى قتل المواطنَين، فهل لنا أن نعرف سبب بقائهما في الدولة؟ وهل يحق لنا أن نحمّل المسؤولية للجهة التي سمحت ببقائهما، أو لم تقرر ترحيلهما وإبعادهما، بعد أن صدرت بحقهما تلك الأحكام؟!
جريمة القتل هذه تجعلنا نفتح ثلاثة ملفات مهمة، جميعها تحتاج إلى ضبط وشدة وتفعيل التشريع، لمنع تكرار هذه النوعية من الجرائم، ولاشك في أن ملف السلاح الأبيض هو الملف الأول الذي يحتاج إلى موقف حازم من الجهات المختصة، لضبطه وتقليل انتشاره، نحن لا نتحدث هنا عن سكاكين منزلية، أو حتى أدوات صيد، نحن نتحدث عن أسلحة حقيقية كالسيوف والسواطير وغيرها من الأدوات الحادة المخصصة للمشاجرات والمعارك، وهي للأسف تصنع محلياً في محال وأماكن معروفة في مناطق صناعية، وأعتقد أن مزيداً من البحث والتدقيق، والضغط على مثل هذه المحال بشدة وحزم، مطلب ضروري لإيقاف انتشار هذه الأسلحة، ومنع وصولها لمتناول أيدي هؤلاء المجرمين المتهورين!
الملف الثاني هو ملف العصابات الشبابية المنتشرة في مناطق معروفة في كل إمارة، هؤلاء أصبحوا يشكلون خطورة وتهديداً حقيقياً للمجتمع، لا يردعهم رادع، ولا يخشون قانوناً، أو عقوبة سجن، بعضهم يعتبر السجن رحلة ووقت راحة لمعاودة الظهور والانخراط في الجريمة، يمارسون شتى أنواع الجرائم، يزرعون الخوف والقلق في قلوب السكان، يتشاجرون بعنف، يطعنون، ويضربون، ويقتلون، كل ذلك بدم بارد، وبأسلوب العصابات الأميركية، يتشبهون بها، ويفعلون فعلها، ويتفاخرون بذلك، فهل من المنطقي تركهم يتمادون وينتشرون، ويتمردون على القوانين، ويروّعون السكان والأهالي؟!
الملف الثالث هو ضعف الأحكام، وعدم تشديد العقوبة في مثل هذه الجرائم، ورغم تكرار هذه النوعية من جرائم القتل بالسيوف، فإننا لم نشهد إلى الآن حكم إعدامٍ واحداً بحق من تجرأ على المجتمع والقانون، وقتل نفساً مع سبق الإصرار والترصد، وبشكل عنيف ومروّع، وربما غياب هذا الحكم الرادع هو أحد أسباب انتشار ظاهرة الطعن والتعارك والقتل بالسلاح الأبيض، ولو صدر حكم إعدام واحد أمام مرأى الجميع، لتحقق الردع الحقيقي، ولفكّر مثل هؤلاء المجرمين مرات عدة قبل أن يستسهلوا ضرب الآخرين بالسيوف والسواطير!
المصدر: الإمارات اليوم