كاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
ما هذا الذي يجري في الكون؟!
هل يمكن أن نكون فعلاً قد بتنا أكثر اقتراباً من اللحظة التاريخية التي يتحول فيها الإنسان إلى حيوان… بعد أن كنا نزعم أن الحيوان قد تطور إلى إنسان!!
بل لماذا نظن وندّعي الرقي المطلق والشامل للإنسان على الحيوان، ونتغافل أن الإنسان يملك صفات دنيئة ليست موجودة في الحيوان، وأن الإنسان إذا تمكن من أخيه الإنسان فإنه يبطش به أكثر مما قد يفعله الحيوان مع فريسته. إذ لا يقتل الحيوان فريسته إلاّ عندما يجوع، لكن الإنسان يصنع العكس… فالشبعان يقتل الجائع!!
أليس القرآن الكريم يصف بعض بني البشر بقوله: (إن هم إلا كالأنعام بل هم أضلُّ سبيلا).
القتل والعنف والعنصرية والتعصب والكذب والتملق والتزييف والغش والأقوال النبيلة والأفعال الدنيئة… كل هذا من أجل كسب المال والمزيد من المال في أخلاقية رأسمالية تدير العالم، وتحدد نوعية المستضعفين الذين يجب إنقاذهم لأن وراءهم منفعة، والمستضعفين الذين لا حاجة لإنقاذهم ولا منفعة من إنصافهم!
هكذا يدير العالم «المتحضّر» ملفات وقضايا البشر، فكيف بالعالم غير المتحضر؟!
في حوض النفط العالمي تتحرك البوارج من أجل مواجهة أي هزة في الاستقرار… لا لإنقاذ الإنسان بل لإنقاذ النفط، بينما يُحرق ويُسلخ البشر في دول هامشية فقيرة، مكتظة بالأوادم، ولكن غير المرتبطين بأي منفعة مادية لقوى «العدالة» الدولية!
أية عدالة دولية تلك التي تكون مبادئها ومنطلقاتها مرتبطة بتقارير حجم واردات وصادرات الأسلحة للدول «الوسيطة» في حل النزاع وإعادة الاستقرار؟!
وأية عدالة دولية تلك التي تتواطأ في إشعال الحروب ثم تتقاسم أرباح السلام؟!
وأية عدالة دولية تلك التي تمولها شركات السلاح وتغيّر اتجاهاتها الحملات الانتخابية؟!
لا دخل لحديثي اليوم بنظرية المؤامرة، بل أتحدث عن المؤامرة نفسها في استمرار إشعال العالم من أجل المزيد من شراء الذمم وبيع السلاح، وجني المال وحصد الأرواح.
الكل ينادي ويخطب ويكتب من أجل عالم «أكثر جمالاً»، لكن هذا العالم الذي ننشده يستضيف كل يوم على مسرحه أناساً أكثر قبحاً وانتهازية، فكيف سنصل إلى عالم أكثر جمالاً.
هل القبح هو طريقنا الحتمي نحو الجمال؟!
ويبقى القول بأني رغم هذا الغضب الذي يتلبسني، فما زلت متماسكاً وبقوة ضد الإحباط.
المصدر: جريدة الحياة