مدير تحرير صحيفة الجزيرة
ما نشرته «الشرق» أمس من رصد ميداني أظهر جهل وزارات وجهات بمشاريعها المستقبلية يطفئ التفاؤل والأمل، وإن كان بعض هذا الجهل مرتبطاً بمركزية وزارة المالية واستحواذها على الرؤية الكاملة، كما ذكر الزميل قينان الغامدي في مقاله حيث تتحكم «المالية» في المعلومات، فلا يعرف صاحب الشأن حقيقة وضعه إلا بقدر ما تتفضل به من معلومات، ولا يستطيع، بعد ذلك، رسم طريقه إلا في حدود ما تقره «المالية» من المبالغ المعتمدة.
إن كانت «المالية» هي الوحيدة التي تعلم فإنها المسؤولة عن الخلل بأكمله، فلا قيمة للخطط والدراسات مادام المسؤول المالي «غالباً محاسب» هو صاحب القرار النهائي، وإن جاءت رتبته أقل من الوزير صاحب الشأن، إلا أن هذا لا يعفي الجهات التي تتسابق في صرف كل فائض ميزانيتها في شهر ذي القعدة من كل عام حتى لا يتبقى منها شيء فتخصمه «المالية» في السنة المقبلة.
العقلية البيروقراطية القائمة لا تتوافق مع النزعة التنموية الهائلة، والرغبة في التسريع وتعجيل المتعطل. والذهنية التقليدية في العمل الحكومي تتقاصر دون خطاب الملك عبدالله بن عبدالعزيز الصريح حين أكد أن لا عذر بعد هذا الوفر، وأن لا خيار سوى العمل المقرون بالشفافية.
يعجز بيروقراطيون كُثر عن الحركة المرنة والابتكار؛ لاعتيادهم الغوص والذوبان في السلاسل البيروقراطية، وربما البطء في اتخاذ القرار، ولذلك فإن من لا يملك اللياقة الكافية للركض السريع مع الطموحات والإمكانات سيؤدي، بالضرورة، إلى الإعاقة والتعثر ومعاودة التبريرات والكلمات المتبخرة.
هذه موازنة تحتاج رجالاً يقومون بها، فإن فقدتهم ضاع تأثيرها وغاب فعلها ومن لم ينجز مشاريعه المتعثرة من المسؤولين فإنه أعجز عن تحمل هذه الموجة الصادمة.
المصدر: صحيفة الشرق