كاتب سعودي
زيارات كثيرة قامت بها نزاهة إلى بعض المناطق، وبالتمعن في الصف المستقبل لمسؤوليها لن تجد إلا نفس النوعية التي يشكو المواطن من عدم نزاهتها.
مشكلة نزاهة أنها لا تذهب إلى المواطن مباشرة كي تسأله عن شكواه، وعن الذين غيبوا النزاهة من حياته؛ لكنها تذهب راضية مرضية إلى أهل البشوت السعداء الذين حولوا حياة المواطن إلى وجبة مليئة بالسموم والويلات، وخالية من النزاهة.
نزاهة سمكة صغيرة مازالت تتعلم العوم، وهي تعيش بين حيتان مُدربة على الصيد والسباحة، ولديها القدرة على البقاء تحت الماء دون أوكسجين، ولذلك يموت السمك الصغير دون نزاهة، وتواصل الحيتان الكبيرة حياتها دون شعور بالخوف.
نزاهة فكرة حلوة، لكنها تُسلي الناس بعروضها الشقية كي تتأخر الصدمة التي تأتي عادة بعد اكتشاف موت الضمير، وضياع الأمل في العثور على ناجين محتملين في عصر الخيبات الكبرى.
نزاهة أشبه بلعبة جديدة يعشقها الأطفال لأنها تعلمهم قوانين اللعب، واحتراف المناورة، وكيفية تجنب المصيدة، وهي على وشك أن تصبح هدراً مالياً دون نتائج؛ لكن هذا الهدر سيكون على حساب المستقبل، وسنكتشف أن نزاهة ساهمت دون أن تدري في تسمين الحيتان الضارية.
النزاهة التي نريدها ونحلم بها؛ تتجاوز التصريحات التي تقول دائماً إن ثمة حيتاناً ضخمة وقوية في البلد تقف خلف الفساد وتحميه؛ هذه معلومة يعرفها كل الناس، والأجمل من تكرارها -أي المعلومة- أن تبادر نزاهة إلى ذكر أسماء الفاسدين وتعريتهم. ستكون نزاهة -نفسها- مشاركة في الفساد إن عرفت القائمين عليه ولم تصرح بذلك، وإلا لماذا وضعت أصلاً؟
المصدر: صحيفة الشرق