كتب تحت هذا العنوان قبل زمن ولا بأس من الإعادة للتذكير! لماذا ما إن انتقد مثقف موقفا تنمويا خاطئا أو بحث عن رؤية تنموية جديدة في وطنه حتى اتهم بأنه يبحث عن وزارة؟ أستغرب أيضاً أن من يلقي هكذا تهمة يظن أن “الوزارة” هي غاية مطاف الأحلام الكبيرة وكأن صاحبها قد حقق المجد كله أو أن منصب الوزير هو للتكريم و ليس للعمل الجاد والركض المضني. لكن البعد الثقافي في مثل هذه التهمة – طلب الوزارة – يغريني بطرح أسئلة أكثر: ما الذي يمنع المرء خاصة إن كان مؤهلاً من أن يطمح في الوزارة؟ ولماذا نستكثرها على المؤهل الطموح إن عبر علانية عن طموحه بالمنصب الأعلى في قطاعه؟ قال لي يوماً صديق من طلب الإمارة فلا تؤمروه. وقلت له لا يا شيخ! الغريب أن أكثر من يستدعي مقولات التراث من تلك التي تستكثر على المرء أن يعبر علانية عن طموحه في المنصب هم أناس يقبعون على كراسي المناصب العليا طويلاً. يعني حلال عليهم حرام على غيرهم! أما أحد زملاء الدراسة من أمريكا اللاتينية فما أن عين وزيراً للمالية في بلاده حتى سألته: كيف أصبحت وزيراً؟ قال لي لأنه واثق من كفاءته فقد سعى علانية للموقع وفق نظام بلاده السياسي الذي يجعل الأحزاب تتنافس على المناصب القيادية العليا بكفاءات مرشحيها لا بعلاقات النسب و الحسب أو توصيات خاصة من ذوي النفوذ الذين يحرصون على خدمة ابن العم وابن الخال أكثر من حرصهم على خدمة الوطن وتنميته. لكننا غير. فمن منا لم يرزق بمتنفذ “واصل” من أبناء الحمولة أو العشيرة فما عليه – إن فكر بالوزارة – سوى أن نواجهه بالحقيقة: من طلب الوزارة وزروووه. أي ألبسوه وزاراً!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٦٨) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٠-٠٢-٢٠١٢)