انظر حولك فإن لم تجد من تنطبق عليه القصة التالية فلك أن تتجاهل هذه الفكرة أو تصف صاحبها بالغباء! شاب في مقتبل العمر لا يزيد راتبه عن 8000 ريال. هو بمقاييس يومنا شاب محظوظ. تزوج وأنجب طفلين. مثله مثل ملايين الشباب حوله، يسكن بالإيجار. ذات يوم وقد رأى البلاد كلها منشغلة بالأسهم في سوق كانت – وقتها – شبه مفلوتة. الحوت الكبير يلتهم الصغير. لا قوانين صارمة تمنع التلاعب والتحايل. وكل الناس من حوله منغمسة في معمعة الأسهم. اشترِ بمائة ألف اليوم تبع بمائتين غداً. والبنوك تكاد تطرق بابك بكل إغراءات الربح السريع. ثم وقعت الواقعة. وما زال مثالنا أعلاه متورطاً في ديونه للبنك الذي مهد له الطريق ثم جرجه نحو ورطة الدين الثقيل. هو الآن يدفع نصف مرتبه لتسديد دين البنك. إنه يدفع نصف راتبه لتسديد دين في استثمار خاسر من أصله. ولو كانت هذه الحالة استثنائية لقلنا متهور يستحق ما أصابه. لكنها قصة جيل شاب ورطه مناخ الأسهم العام (بغياب الرقابة و جشع هوامير السوق) في ورطته التي يدفع ثمنها حتى اللحظة. ولأننا نعيش في ظل الدولة «الريعية» وفي ظل سوق لا تحكمها – سياسياً واقتصادياً – ما يحكم الأسواق العالمية فما الذي يمنع من تأسيس صندوق وطني يسهم في تسديد ديون «الشباب» – وأركز على فئة الشباب – من المتورطين في «لعبة» الأسهم الشهيرة؟ كم من شاب في مقتبل عمره قيدته ديون الأسهم اللعينة وما كان سوى حلقة ضعيفة في سلسلة طويلة من ألاعيب الهوامير ومن في حماهم؟ دعك من «نظريات» الاقتصاد ومحلليه فمن يده في النار ليس كمن يده في الماء. آلاف من شبابنا يعيشون اليوم أسرى للبنوك التي كانت عملياً شريكة في «اللعبة».
حرروا شبابنا من ديون الأسهم ودعوهم يبدؤوا صفحة جديدة – واقعية وعملية – من الحلم والعمل في وطن يتباهى بميزانياته الفلكية!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق بتاريخ 3 يناير 2012