أعلنت روسيا، أمس، بشكل مفاجئ بعد ليلة دامية في مدينة حلب وقف غاراتها على المدينة في «بادرة حسن نية» للسماح بإجلاء المدنيين من الأحياء الشرقية للمدينة والتفرقة بين «المعارضة المعتدلة والإرهابيين». وفي حين رفض مقاتلو المعارضة الانسحاب من مدينة حلب، أكدت الأمم المتحدة أنها لن تدخل حلب إلا بعد حصولها على تطمينات بشأن السلامة.
وأعلن وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، أن الجيشين السوري والروسي أوقفا الغارات على مدينة حلب اعتباراً من أمس، في خطوة هدفها ضمان تطبيق الهدنة لمدة ثماني ساعات الخميس.
وقال خلال اجتماع لهيئة الأركان الروسية، إن ضربات الطيران الروسي والسوري توقفت في حلب، مشيراً إلى أن «هذا الوقف المبكر للغارات ضروري من أجل تطبيق الهدنة الإنسانية»، التي ستتيح للمدنيين مغادرة حلب غداً.
وأوضح أن وقف الغارات «يضمن سلامة خروج المدنيين عبر ستة ممرات، ويحضر لإجلاء المرضى والجرحى من شرق حلب».
وأضاف أنه «في الوقت الذي تبدأ هذه الهدنة الإنسانية، ستنسحب القوات السورية إلى مسافة كافية تمكن المقاتلين من الخروج من شرق حلب مع أسلحتهم»، عبر ممرين خاصين بينهما طريق الكاستيلو.
وقال: «نطلب من حكومات الدول التي لها نفوذ على القسم الشرقي لحلب أن تقنع قيادييه بوقف المعارك ومغادرة المدينة».
وأول من أمس، أعلن الجيش الروسي تعليق القصف الروسي والسوري لمدة ثماني ساعات الخميس في حلب في إطار هدنة إنسانية. وقال الجنرال الروسي سيرغي رودسكوي، إن «القوات الروسية والسورية ستوقف خلال هذه الفترة الغارات الجوية وكل عمليات القصف الأخرى».
وبحسب شويغو فإن وقف الغارات الجوية اعتباراً من أمس، يمكن أن يساعد على نجاح محادثات تتمحور حول «الفصل بين المعارضة المعتدلة والإرهابيين في حلب، التي يفترض ان تبدأ اليوم في جنيف». وأشار إلى تواجد ضباط روس في جنيف للمشاركة في هذه المحادثات.
وتأتي دعوة شويغو غداة إعلان السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين، أول من أمس، أن تركيا وقطر والسعودية وافقت على المشاركة في محادثات مع الأميركيين والروس لإحراز تقدم في هذا الموضوع.
وقال تشوركين إن هذه الدول الثلاث «أعربت عن عزمها على العمل بصورة دؤوبة مع هذه الفصائل المعارضة المعتدلة كي تنأى بنفسها» عن «جبهة فتح الشام»، (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة).
من جهته، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن هذه الخطوة هي «بادرة حسن نية من الجيش الروسي، وليست مرتبطة» بالانتقادات التي وجهتها فرنسا وألمانيا. وأضاف: «بالطبع مواصلة جهود روسيا في محاربتها الإرهابيين وحلحلة الوضع في حلب» كانا وراء هذا القرار.
وأشادت الأمم المتحدة بإعلان وقف الغارات الجوية الروسية والسورية على حلب، إلا أنها قالت إنها تنتظر الحصول على ضمانات بشأن السلامة من جميع الأطراف قبل أن تبدأ في إدخال المساعدات.
وتصاعد الضغط الدولي على روسيا، الحليفة الأبرز للرئيس السوري بشار الأسد، إثر هجوم بدأه الجيش السوري في 22 سبتمبر للسيطرة على الأحياء الشرقية. وتزامن الهجوم مع غارات روسية كثيفة وأخرى سورية أوقعت مئات القتلى وألحقت دماراً كبيراً لم تسلم منه المستشفيات.
وتقدر الأمم المتحدة وجود 900 مقاتل من «جبهة فتح الشام» في شرق حلب، في وقت يقدر المرصد السوري وجود 400 مقاتل فقط من أصل نحو 15 ألف مقاتل معارض.
وكان مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستافان دي ميستورا اعتبر الشهر الماضي أن وجود مقاتلي «جبهة فتح الشام» في شرق حلب يشكل مبرراً لموسكو ودمشق لمواصلة الهجوم، مقترحاً مرافقتهم «شخصياً» في حال قرروا الانسحاب.
وقبل ساعات من وقف الغارات، أفاد مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن، بغارات روسية كثيفة استهدفت بعد منتصف الليلة قبل الماضية أحياء عدة في شرق حلب.
وأشار مراسل «فرانس برس» الى انهيار مبنى على رؤوس قاطنيه فجر أمس، في حي بستان القصر جراء الغارات، ما تسبب وفق المرصد في مقتل عائلة بأكملها، تضم رجلاً وزوجته وثلاثة أولاد.
وبعد إعلان موسكو وقف الغارات، أفاد المرصد بتوقف الغارات على الأحياء السكنية في شرق حلب تزامناً مع استمرار الاشتباكات على أطراف المدينة. ويعيش 250 ألف شخص في شرق حلب في ظروف إنسانية صعبة في ظل الغارات والحصار وتعذر إدخال المساعدات الإنسانية منذ ثلاثة أشهر.
في السياق، قال مقاتلون من المعارضة السورية، أمس، إنهم يرفضون أي انسحاب للمقاتلين من مدينة حلب بعدما أعلنت روسيا وقف الضربات الجوية حتى يتسنى للمقاتلين المغادرة والتفرقة بينهم وبين المتشددين على حد قولها.
وقال المسؤول السياسي لجماعة «فاستقم» التي تتخذ من حلب قاعدة لها، زكريا ملاحفجي، إن «الفصائل ترفض الخروج بالمطلق والاستسلام».
من جهته، قال القيادي في «حركة أحرار الشام» بمدينة حلب، الفاروق أبوبكر، إن مقاتلي المعارضة سيواصلون القتال.
وأضاف: «نحن عندما حملنا السلاح بداية الثورة لندافع عن شعبنا الأعزل عاهدنا الله ألا نتركه حتى نسقط هذا النظام المجرم»، في إشارة إلى الحكومة السورية. وأكد أنه «لا يوجد أي إرهابي في حلب».
المصدر: الإمارات اليوم