أما وقد وضعت معارك مباريات كأس العالم لكرة القدم أوزارها أمس، نقدم التهاني الخالصة للأشقاء في قطر على التنظيم المبهر والمتميز والإمكانيات الضخمة التي جعلت من البطولة ذكرى جميلة نقشت في الذاكرة الإنسانية.
وبعيداً عن مواجهات الفوز والخسارة والتحليلات الكروية التي أسهبت فيها استوديوهات القنوات والبرامج الرياضية عبر الفضائيات العربية والعالمية، نتوقف أمام الانتصار الكبير للقيم والأخلاق الذي شهده المونديال الكروي، فقبل وخلال فعاليات العرس الكروي العالمي شنت دوائر و«لوبيات» دولية معروفة ضغوطات هائلة وممارسات ودعايات صرفت عليها ملايين الدولارات للترويج لقضايا تخالف الفطرة السوية بعيدة كل البعد عن قيمنا ومبادئنا وأخلاقنا ولا تمت لعقيدتنا بصلة. كان «المونديال» انتصاراً للروابط الأسرية التي أرادوا تدميرها وتشويه صورتها، فقدم لهم «أسود الأطلس» صورة زاهية لمعنى الفخر والاعتزاز والاحترام والتكريم للوالدين، وبالأخص الأم في مشاهد تأسر الألباب وتنير العقول، ولم يجرؤ مروجو الفساد وحاملو معاول هدم القيم بعدها رفع أصواتهم وشعاراتهم الملونة التي توارت خجلاً أمام صلابة الوفاء.
اقتربوا من صورة العربي المضياف والكرم العفوي الأصيل، لخصه ووصفه صبي سعودي لمشجع لاتيني بأن حسن الضيافة والاستقبال من الأمور التي يحثه وغيره عليها ديننا الحنيف، وتصرف طبيعي تجاه كل غريب يحل ضيفاً عليهم. غيض من فيض تصرفات عفوية جعلت مدرب منتخب «السامبا» البرازيلي يذرف الدمع لحمل مشجع عربي حفيده النائم لمسافة طويلة ليساعد والدته على الوصول لمحطة المترو، ولم يستوعبوا معنى تكفل طبيب أسنان عربي بنقل مشجع لم يكن يعرفه إلى دبي التي يقيم فيها ويجري له عملية تجميل أسنان ويعيده إلى الدوحة وعلى نفقته الخاصة لمواصلة متابعة البطولة التي تحولت لمنصة عالمية أتاحت الاقتراب من الشخصية والمجتمعات العربية والقيم التي تربت عليها ولا زالت مزدهرة، رغم كل الإغراق الذي يمارس بحقها والضغوطات التي تستقوي بكيانات كبيرة واتفاقيات دولية للنيل من أخلاقيات وقيم مجتمعاتنا.
ما أسوأ أن يحاضر لك عن الأخلاق والقيم والمبادئ من يملك سجلات حافلة، مجللة بالسواد، ويفتقر لأبسط قواعد النظافة الشخصية، ويحاول تمرير مراميه الخبيثة بشعارات براقة عن المساواة واحترام الاختلاف، ولكن عند المواقف الرجولية تسقط الأقنعة وتختفي الابتسامات الصفراء الباهتة.
وأخيراً نجدد التهاني والتبريكات للمغرب الشقيق ملكاً وحكومةً وشعباً على ما قدموا من صورة حضارية زاهية وأداء كروي رجولي عالمي، شكراً لكم، لقد رفعتم رؤوسنا عالياً..«بالزاف بالزاف».
المصدر: الاتحاد