كاتب سعودي؛ كان سفيراً لبلاده في منظمة اليونسكو
قبل أن أنغمس في الحديث عن ( ميدالية فلسطين ) التي شُرّفتُ بها الجمعة الماضية، أود أن أعلن عن تشرفي بإهداء هذه الميدالية إلى: أطفال الانتفاضة الفلسطينية.
بمنأى عن التواضع والتزهّد، الذي لا طاقة لنا بأكثره، فإن كل واحد منا يفرح أن يُحمد على ما عمل وأن يُقدّر لقاء ما صنع. كما يسعده أن تلتفت إليه دولة لتمنحه وسامها. لكن حين يكون التكريم من (فلسطين) فإنه يصبح ذا معنى آخر وذا طعم مختلف.
لم يكن الجهد الذي بذلناه، زملائي وأنا، في العام ٢٠١١ م من أجل حشد الدعم للتصويت على منح فلسطين عضوية «يونسكو» جهداً هيّناً أو بسيطاً خصوصاً أنه كان ضد قوى عظمى ومتنفذة تسعى لإفشال التصويت، لكن بالمقابل أيضاً فإن ميدالية فلسطين ليست هينة!
لن أستعيد أجواء تلك الأيام الشاقة، فقد كتبت عنها في حينها أكثر من مقالة، واستعدنا بعضها في صالون الرئيس محمود عباس، الجمعة الماضية. لكني، بعد شكر الرئيس أبي مازن والسفير إلياس صنبر وزملائه، لم أوفر ولن أدخر أية فرصة مواتية دون التلويح بيد الامتنان والشكر إلى شباب الانتفاضة الفلسطينية الذين كانوا أيضاً سبباً للخطوات التي تخطوها فلسطين للخروج من المنطقة المظلمة.
هذا الإمتنان للانتفاضة لا يتعارض مع دعم الجهود الديبلوماسية لإحلال السلام (إن حلّ !؟) ، فاسرائيل التي تعلن بوداعة متناهية ترحيبها بمبادرات السلام هي نفسها التي تحمي المتطرفين اليهود الذين يقتحمون المسجد الأقصى يوماً بعد آخر. ونحن على المنوال نفسه سندعم مبادرات السلام إلى أقصى مدى مطاق وسندعم في الوقت نفسه شباب الانتفاضة الذين يُسهمون بلا شك في تعديل كفة السلام المنتظر.
ما حدث في «يونسكو» ذلك العام هو «انتفاضة ديبلوماسية» حققت هدفها مثلما حققت الانتفاضة الميدانية كثيراً من أهدافها. لأجل هذا ورغبةً في أن تكون روح الانتفاضة معنا في الاحتفالية فقد استأذنت الرئيس الفلسطيني أن أستعيد مقطعاً من قصيدة كتبتها في العام ٢٠٠٠ م عن الانتفاضة الفلسطينية الثانية.
زمنٌ على غير الزمـانِ
أتـى ليشـتعل المكـانْ
…………
هذا زمان النصر يستبق الأوانْ
هذا مكان التاج يزهوه الجُمانْ
هذا ربيع القدس والزيتونِ.. ريح الزعفرانْ
هذي بلاد القدس تقذف طيشها وتدير ناصية النشيد إلى زمانٍ:
«يازمان الوصل بالأندلسِ»
يا خليل الروح والشّدو ببيت المقدسِ
«لم يكن وصلك إلا حلماً».. خان في رؤياه كلّ العسسِ.
حان في مرآه طفلٌ نابضٌ
لا يداري عصبة السفّاح في «هيئتهم».. أو يواري خِلسة «المختلسِ».
يا بياض الوجهِ، يا تاج الرؤوسِ، ويا تراتيل الشجاعةِ..
يا أسود المقدسِ
قد وهبناكم ثياباً من حريرٍ وخيوط النرجسِ
فانسجوا راياتكم من عنفوانٍ
واحطموا رايات شعبٍ مفلسِ.
فلنا قولُ: فعيلٍ فاعلٍ مستفعلنٍ
ولكم: فعلُ الزمان الأبأسِ.
المصدر: صحيفة الحياة