لأنها تربعت لثماني سنوات متتالية على عرش المرأة الأقوى في العالم بلا منازع، حسب تصنيف مجلة «فوربس» العالمية، يرى البعض أنه ربما يحق للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ما لا يحق لغيرها.
ميركل المعروفة بالمرأة الرصينة والسياسية البعيدة عن أجواء الدراما، تطرقت خلال مداخلةٍ لها في مؤتمر للتكنولوجيا إلى حادثة مستنكرة حصلت معها، واجهت بموجبها موجة من السخرية عبر الإنترنت قبل خمس سنوات، وذلك بسبب إطلاقها على الشبكة العنكبوتية وصفاً يصنفها على أنها «انبساط غامض لمنطقة غير مرسومة على الخريطة».
أطلقت ميركل حينئذ ضحكة تسخر من ذكرى الارتدادة الرقمية، وتابعت الوصف مستخدمة تعبيراً مستعاراً من اللغة الإنجليزية تبيّن أن أصحاب اللغة نفسها لا يتفوهون به في التصريحات الرسمية ولا خلال إجراء الأحاديث اللبقة!
الكلمة التي قصدت بها التعبير عن حالة الفوضى العارمة، والتي تبيّن أن الألمان لا يحوي معجمهم كلمة مرادفة، أثارت موجة عارمة من التعليقات المختلفة وعبر وسائط متعددة أبرزها موقع «تويتر»، سيما من المغردين الناطقين بالإنجليزية من أميركيين وبريطانيين.
لا يسهل أحياناً ترجمة بعض الكلمات، فتعبر الحدود الوطنية وتفقد معناها الأصلي عبر الرحلة وتتخذ مختلف المرادفات الأخرى، وتبرز بغتة في مواقع غير مرتقبة. وقد أثبتت ميركل هذه النقطة بقوة في حديثها الأخير، بحيث دفعت لظهور تغريدات توزعت بين المستهجنة والساخرة والشامتة.
أبرز تلك التعليقات كانت لآن ماكالفوي، إحدى كبار المحررات في مجلة «ذي إيكونومست» البريطانية، إذ نشرت على تويتر تغريدة مفادها: «يسعني أن أموت سعيدة بعدما استخدمت ميركل تلك الكلمة».
أما الكاتب ديفيد سيمون فتساءل عن سبب امتناع الألمان عن اجتراح تعبيرٍ خاص، قائلاً في تغريدة أخرى: «هؤلاء قوم يمتلكون كلمة لكل شيء».
وفسّر البعض أن رحلة ميركل السياسية المشرفة على الغروب، بعد توقع تسمية زعيم المحافظين خلفاً لها قريباً، كان وراء خيارها اللغوي في إشارة مستهترة لسياسية أصبحت لا تبالي على نحو غير مفاجئ بالمظاهر.
قد يكون هذا السيناريو صحيحاً لو أن ميركل لم تتعمّد استخدام التعبير في أكثر من مناسبة علنية، تماماً كما يفعل عدد من أبناء ألمانيا الآخرين. وتبين أن المفردة قد تمّ تبنيها وإدراجها في القاموس الألماني المرجعي المعتمد في عام 2013. وتم تسجيل الكلمة لأول مرة في الاستخدام الألماني في عام 2010 ، حيث يشير المعنى إلى غضب واسع النطاق وصاخب عبر الإنترنت. أما أصلها الإنجليزي، فيعني «عاصفة قاذورات».
وقد سجل لميركل استخدامها الكلمة لأول مرة عام 2012 في أحد الاجتماعات في هيدلبرغ، في خطوة يقول البعض إنها تسهم في قبول التعبير واستعماله وسط الألمان، الذين لا يعلم معظمهم أنها تندرج في اللغة الإنجليزية ضمن المفردات المبتذلة السفيهة، وأن معناها يتعدى الغضب عبر الإنترنت.
وأوضح مايكل شتين مدير العلاقات الإعلامية في البنك المركزي الأوروبي أنه حاول أن يفسّر لزملائه الألمان «على مدى السنوات الخمس الأخيرة، بأنه ليس مقبولاً استعمال الكلمة في اللغة الإنجليزية».
ويثير الاستعمال المتكرر للكلمة في الألمانية اهتمام النحويين، باعتبارها نوعاً من الكلمات المحظورة في الإنجليزية، كما أشار أناتول ستيفانوفيتش، أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة فري ببرلين. هذا ولا يزال الجدال قائماً حول كيفية إيجاد التعبير سبيله إلى اللغة الألمانية، حيث يعزو البعض الأمر للكاتب جون إيرفينغ عام 2006، في حين يرجح النحويون سيناريو تبني الألمان للكلمة بعد رؤيتها عبر الإنترنت.
وأشار أحد الناطقين بالإنجليزية عبر «تويتر» إلى أن الكلمة المستوردة عبارة عن ردّ جميل اللغة الألمانية التي اجتاحت بعض تعبيراتها اللغة الإنجليزية.
المصدر: البيان