حذر باحث أكاديمي من انتشار مرض “الاستهلاك المفرط”، وثقافة الاستهلاك غير المتوازن في المجتمع السعودي، واصفاً إياها بالداء الفتاك الذي يهدد الأمم والمجتمعات ويبدد الأموال والثروات، مرجعاً أسباب هذا السلوك إلى عدة عوامل، مثل ارتفاع مستوى الدخل والتعليم والاختلاط بالثقافات الأخرى والإقامة في المناطق الحضرية.
وطالب الباحث والأكاديمي خالد الدواس بتفعيل دور المؤسسات المجتمعية في رفع مستوى الوعي الاستهلاكي وتشجيع الأفراد على الادخار وتيسير فتح قنوات فعالة لاستثمار مدخراتهم، ومراقبة الاستهلاك والتحكم في كميته ونوعه وسعره، بما يعزز من الحد من الاستهلاك غير الموزون وإدراج مادة الثقافة الاستهلاكية المضبوطة في مقررات ومناهج طلاب التربية والتعليم.
وربط الدواس ثقافة الاستهلاك غير المتزن بآثار ونتائج سلبية تطال المجتمعات، مضيفاً أن المجتمع السعودي على وجه الخصوص يعاني من بذخ وأفراط وإسراف معيشي لدى معظم الأفراد والأسر.
وقال: “البعض يعتقد أنه ظاهرة مكتسبة، إلا أنه في حقيقة الأمر يرتبط بعوامل متعددة تتعلق بالشخص كالاستعداد النفسي وإشباع الحاجات الأساسية، إضافة إلى عوامل تتعلق بالمجتمع كالظروف المحيطة بالفرد ذاته والتي ربما تكون مشجعة لنمو هذا السلوك المشين لديه، فضلا عن الزيادة السكانية”، إذ إن الزيادة السكانية، بحسب رأيه، تعني زيادة في الاستهلاك الترفي لمعظم الأفراد والأسر. وأكد أن ذلك ما أكده العديد من الأرقام والإحصائيات المرعبة التي وصفها الدواس بأنها أرقام تحمل الكثير من الجزع والهلع والمفارقات التي تدل على مدى الهوة العميقة التي وقع فيها.
واستشهد الدواس بدراسة أجراها الدكتور حسن أبو ركبة عن سلوك المستهلك السعودي، حيث خلصت إلى أن 40% من دخل الأسرة السنوي ينفق على الغذاء، في حين يتم إنفاق نحو 10% على الكساء، ومثلها على الترفيه والعلاج والسياحة، بينما يتم إنفاق حوالي 5% على التأثيث ومثلها على الأجهزة الكهربائية، و5% على التعليم، ومثلها على السكن.
وشدد الدواس على أهمية غرس الوعي الاستهلاكي في نفوس الطلاب بصورته العقلانية، وطالب بتكثيف الحملات الإعلامية بمختلف وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة حول آثار الاستهلاك الترفي وتكريس الرسالة الإعلامية حول رفع مستوى الوعي والثقافة الاستهلاكية الرشيدة للأفراد والأسر وقيام المؤسسات في التعليم العالي ومراكز الأبحاث المتخصصة بالتعاون مع الجهات المختصة بالمجتمع بإجراء العديد من الدراسات العلمية والأبحاث حول هذه الظاهرة، أو أزمة الثقافة الاستهلاكية الترفيه وتبيان آثارها وانعكاسها على سلوك الفرد والأسرة والمجتمع.
ووصف الدواس الدول العربية بأنها دول استهلاكية تعتمد على الخارج في استيرادها للسلع، مبينا أن عدوى الاستهلاك ظاهرة عاطفية تعاني منها المجتمعات سواء في المقدمة أو دول العالم الثالث، حيث بدأت ظاهرة الاستهلاك الترفي في الانتقال إلى ذوي الدخل المحدود، غير مدركين لحجم المخاطرة، في حين اتجه الكثير إلى اكتساب المال بطرق شرعية وغير شرعية لإشباع رغبتهم الاستهلاكية. وأشار إلى أنه في الوقت الذي يبلغ فيه عدد سكان العالم العربي الآن نحو 285 مليون نسمة، فإن إجمالي الناتج القومي في كل المنطقة العربية لا يتجاوز 730 مليار دولار، ولم يتجاوز معدل النمو الاقتصادي خلال 20 سنة 2% بينما يبلغ معدل التضخم 3% سنويا، في وقت وصل فيه عدد العاطلين عن العمل بالعالم العربي إلى 18 مليون نسمة من مجموع القوى العاملة البالغة 98 مليون نسمة. وذكر أنه في الوقت الذي ينفق فيه العرب مليارات الدولارات على أجهزة الهاتف المحمول سنويا، فإن حوالي 62 مليون عربي (أي ما نسبته 22% من جميع السكان) يعيشون على دولار واحد فقط في اليوم، بينما يعيش 145 مليون عربي أي قرابة 52% من تعداد السكان العرب على دخل يومي يتراوح ما بين 5.22 دولارات.
المصدر: الوطن اون لاين