كاتبة إماراتية
رجل أعمال تبلغ أمواله في البنوك ما يقارب 14 مليار دولار ويملك مجموعة من الفنادق في بعض الدول، كما أنه يملك بعض الاستثمارات العقارية في كل من الكويت وماليزيا ودبي وفرنسا وإيطاليا ولندن. هذا رجل أعمال ناجح يشهد له الجميع بالعدل والإنصاف في العمل.
في يوم تم نقل هذا الرجل إلى أحد المستشفيات إثر إصابته بسكتة قلبية فبدأ يصارع المرض حتى وافته المنية. البعض يتوفى تاركاً وراءه مخزون من الذكرى الطيبة على المستوى الأخلاقي والإنساني والبعض الآخر يدون في صفحات الذاكرة مشاعر البؤس والظلم والقسوة.
يا جامع المال في الدنيا لوارثِهِ، هل أنت بالمال بعد الموت تنتفعُ أبو العتاهية. الإنسان لن يأخذ أمواله معه ولا حتى منصبه الذي يغتر به بعد وفاته فلم هذا القدر من الغرور والظلم.
كثير ما نسمع اليوم عن قصص لموظفين تم تهميشهم أو إحباطهم أو تطفيشهم في بعض المؤسسات بغرض تحقيق الأهداف الشخصية لبعض المديرين وذلك لرغبتهم بتعيين أكبر قدر من الموظفين المقربين الذين يتوافقون معهم في الاتجاهات والقيم فيشكلون بذلك فريقاً واحداً، تتكرر اجتماعاتهم المستمرة والسرية بهدف تلميع صورهم أمام الإدارة العليا حتى يحصلوا على التقدير والعلاوات التي لا يستحقونها.
سألت إحداهن يوماً «لم رفضت الوظيفة في إحدى المؤسسات التي يحلم بها أي شخص واكتفيت بالعمل في جهة خدمية تصب توجهاتها مباشرةً في خدمة العملاء؟»، فأجابت «صحيح أن هذه الوظيفة يحلم بها الكثيرون وتعتبر صعبة المنال بسبب سياسة التوظيف المعقدة لديهم.
ولكني لا أريد أن أقع في التهلكة لأن مديرهم دكتاتوري لأقصى حد ولا يوظف أو يطور مهارات جميع الموظفين بشكل عادل فهو حريص على تطوير كفاءة المقربين منه، وذلك لأنه لا ينظر إلى جودة عمل الموظفين المختصين ولكنه يلجأ إلى الموظفين المقربين (شلة المدير) فيضخم أعمالهم البسيطة حتى ولو كانت تنقصهم المهارات والخبرة الكافية لإنجاز العمل.
إن الشفافية المؤسسية هي عنصر أساسي من عناصر النجاح في أي مؤسسة.
يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله: «الفساد الإداري في الإمارات نحن منه براء، لا نريده ولا نتحمله، ولا مكان له في قلوبنا وإدارتنا، ولا شفاعة ولا تفهّم ولا رحمة لمن يستخدمه طريقاً شريراً لكسب الثروة بغير حقّ وبناء التحالفات وخدمة المحسوبيات وكسب الودّ والنفوذ.. يجب استئصال هذا الفساد فوراً وإحالته إلى القضاء لينال العقاب الذي يستحقّه».
بقدر ما يصرّح سموّه بحبه للإبداع والمبدعين، فإنه ضد الفساد والتقصير المقصود، أما الخطأ غير المقصود فإن كرم أخلاقه يجعله يصفح ويمنح الفرص لكل من تم إعطاؤهم الثقة في تحقيق رؤية دولة الإمارات.
هناك الكثير ممن يتجرعون مرارة الظلم الوظيفي فلا تقدير معنوي ولا مادي ولا ترقيات، فهم لا يعلمون أن الله يمهل ولا يهمل (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) – سورة الشعراء، لذا أقول لكل مظلوم: صبراً جميلاً والله المستعان.
المصدر: البيان